responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 373
لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَمَا أَدَّاهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَافَقَةِ، وَعِنْدَنَا مَعْنَى التَّضَمُّنِ مُرَاعًى (وَيُصَلِّي الْمُتَنَفِّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي حَقِّهِ إلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَيَتَحَقَّقَ الْبِنَاءُ.
(وَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنَافٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّحْرِيمَةِ وَالْبِنَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَفْعَالِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَوَّزَ الِاقْتِدَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَهُ أَدَاءٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُرَافَقَةِ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُصَلِّي بِذَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُوَافِقُ الْإِمَامَ فِي الْأَرْكَانِ وَالِانْتِقَالُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَا أَيْضًا الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِهِ وَذَلِكَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُوَافَقَةِ فِي دَلِيلِنَا مُوَافَقَةٌ تَبَعِيَّةٌ، وَفِي دَلِيلِهِ مُوَافَقَةٌ فِي تَطْبِيقِ أَفْعَالِهِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ عَلَى الزَّمَانِ الَّذِي طَابَقَهُ أَفْعَالُ الْإِمَامِ لَيْسَ إلَّا وَهَذَا غَيْرُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ. وَقَوْلُهُ: (وَعِنْدَنَا مَعْنَى التَّضَمُّنِ مُرَاعًى) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَعْنَاهُ وَكَوْنُ الشَّيْءِ لَا يَتَضَمَّنُ مَا فَوْقَهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ فِي بَنِي سَلَمَةَ فَكَانَ صَلَاةُ قَوْمِهِ فَرْضًا وَصَلَاتُهُ نَفْلًا. أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ مُعَاذًا جَازَ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَفْلًا وَيُصَلِّيَ مَعَ قَوْمِهِ الْفَرْضَ (وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ) وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي (لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ إلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ (وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَيَتَحَقَّقُ الْبِنَاءُ) وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ النِّيَّةِ كَافٍ فِي صِحَّةِ النَّفْلِ وَالْفَرْضُ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَأَمَارَتُهَا جَوَازُ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ، وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فَرْضًا عَلَى فَرْضٍ آخَرَ فَلَا يَقْتَدِي بِغَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ الْفَرْضَ عَلَى النَّفْلِ، وَأَمَّا بِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ فَقَدْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ.
(وَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْعِلْمِ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إجْمَاعًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ عِنْدَهُ أَدَاءٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ غَيْرِ مَعْنَى التَّضَمُّنِ. وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ جَنَابَةً فَأَعَادَهَا وَقَالَ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا أَعَادَ صَلَاتَهُ وَأَعَادُوا» وَعُورِضَ بِمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ

اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست