responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 37
(فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ)
(الْمَعَانِي النَّاقِضَةُ لِلْوُضُوءِ كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] «وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ» وَكَلِمَةُ مَا عَامَّةٌ فَتَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ وَغَيْرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى الْمَعَانِي يُرَادُ بِهِ إخْرَاجُهُ عَمَّا هُوَ الْمَطْلُوبُ بِهِ، وَالْمَطْلُوبُ هُنَا مِنْ الْوُضُوءِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ (وَالْمَعَانِي النَّاقِضَةُ) أَيْ الْعِلَلُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي إخْرَاجِ الْوُضُوءِ عَمَّا هُوَ الْمَطْلُوبُ بِهِ (كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ) أَيْ خُرُوجُ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ: يَعْنِي الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ وَالذَّكَرَ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْمُضَافَ تَصْحِيحًا لِلْحَمْلِ، فَإِنَّ حَمْلَ الذَّاتِ عَلَى الْمَعْنَى غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ الْعِلَلِ بِالْمَعَانِي اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثٍ» وَاحْتِرَازًا عَنْ عِبَارَةِ الْفَلَاسِفَةِ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ اسْتَنْكَفُوا عَنْ ذَلِكَ إلَى أَنْ نَشَأَ الطَّحَاوِيُّ فَاسْتَعْمَلَهَا فَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ. فَإِنْ قِيلَ: الْكُلِّيَّةُ مُنْتَقِضَةٌ بِالرِّيحِ الْخَارِجِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْقُبُلِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ لَا يَنْتَقِضُ بِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ: أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ لَا تَنْبَعِثُ مِنْ الذَّكَرِ، وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاجٌ. وَالْقُبُلُ مَحَلُّ الْوَطْءِ لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ تُنَجِّسُ الرِّيحَ بِالْمُرُورِ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي نَفْسِهِ طَاهِرٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وَالْغَائِطُ: هُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْإِنْسَانُ عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ تَسَتُّرًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ وُجُوبَ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِخُرُوجِ النَّجِسِ. فَكَانَ كِنَايَةً عَنْ الْحَدَثِ لِكَوْنِهِ ذَكَرَ اللَّازِمَ، وَأَرَادَ الْمَلْزُومَ، وَالتَّرْتِيبُ يَدُلُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ ثَبَتَ فِي الْوُضُوءِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْبَدَلَ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ فِي السَّبَبِ. لَا يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ شَرْطٌ لِلْوُضُوءِ فَكَيْفَ يَكُونُ عِلَّةً لِنَقْضِهِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِنَقْضِ مَا كَانَ وَشَرْطٌ لِوُجُوبِ مَا سَيَكُونُ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا.
وَقَوْلُهُ: (وَكَلِمَةُ مَا عَامَّةٌ فَتَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ وَغَيْرَهُ) نَفْيٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا وُضُوءَ لَمَا يَخْرُجُ نَادِرًا كَالْحَصَاةِ وَالدُّودَةِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، مُسْتَدِلًّا

اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست