responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 101
رَائِحَةٍ فَأَشْبَهَ الْحَمْأَةَ
(فَإِنْ بَالَتْ فِيهَا شَاةٌ نُزِحَ الْمَاءُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُنْزَحُ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى الْمَاءِ فَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا) وَأَصْلُهُ أَنَّ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ عِنْدَهُ نَجِسٌ عِنْدَهُمَا. لَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا» وَلَهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ إلَى نَتَنٍ وَفَسَادٍ فَصَارَ كَبَوْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْقُوضٌ بِالْمَنِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ فَسَدَ وَهُوَ طَاهِرٌ، وَسَائِرُ الْأَطْعِمَةِ تَفْسُدُ بِطُولِ الْمُكْثِ وَلَا تَنْجُسُ، عَلَى أَنَّهُ إنْ تَنَجَّسَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ سَقَطَ لِلضَّرُورَةِ. وَقَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ الْحَمْأَةَ) يَعْنِي فِي النَّتْنِ دُونَ الْفَسَادِ.
وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ بَالَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الْبِئْرِ (شَاةٌ) أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُنَجِّسُهُ وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الْمَاءِ فَيَخْرُجُ عَنْ طَهُورِيَّتِهِ نَجِسَ. عِنْدَهُمَا إنْ وَقَعَ مِنْهُ قَطْرَةٌ فِي الْمَاءِ أَفْسَدَتْهُ، وَالْكَثِيرُ الْفَاحِشُ مِنْهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. لِمُحَمَّدٍ حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ، وَقِصَّتُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَيْنَةَ تَصْغِيرِ عُرَنَةَ وَادٍ بِحِذَاءِ عَرَفَاتٍ سُمِّيَتْ بِهَا قَبِيلَةٌ يُنْسَبُ إلَيْهَا الْعُرَنِيُّونَ بِحَذْفِ يَاءِ فَعِيلَةٍ كَقَوْلِهِمْ الْجُهَنِيُّونَ أَتَوْا الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا: أَيْ لَمْ تُوَافِقْهُمْ فَاصْفَرَّتْ أَلْوَانُهُمْ وَانْتَفَخَتْ بُطُونُهُمْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَخْرُجُوا إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَخَرَجُوا وَشَرِبُوا فَصَحُّوا ثُمَّ ارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرُّعَاةَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَثَرِهِمْ قَوْمًا فَأُخِذُوا، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ حَتَّى مَاتُوا» .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ حَرَامًا، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» وَلَهُمَا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِاسْتِنْزَاهِ الْبَوْلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيَّعَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ يَمْشِي عَلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ مِنْ زِحَامِ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي حَضَرَتْ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا وُضِعَ فِي الْقَبْر ضَغَطَتْهُ الْأَرْضُ ضَغْطَةً كَادَتْ تَخْتَلِفُ أَضْلَاعُهُ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَبَبِهِ فَقَالَ: إنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ» وَلَمْ يُرِدْ بِهِ بَوْلَ نَفْسِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَسْتَنْزِهْهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بَوْلَ الْإِبِلِ عِنْدَ مُعَالَجَتِهَا.
وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ إلَى نَتْنٍ) دَلِيلٌ مَعْقُولٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَقَدْ ذَكَرَ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِي شُرْبِ أَلْبَانِ الْإِبِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَبْوَالَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَقَدْ دَارَ

اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست