responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 3
بَعْضٍ، فَقَوْلُهُ كِتَابُ الطَّهَارَةِ أَيْ جَمْعُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الشَّمْلِ وَالْإِحَاطَةِ وَهُمَا لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ هُمَا مُتَغَايِرَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْإِحَاطَةُ أَعَمُّ مِنْ الشَّمْلِ؛ لِأَنَّ الشَّمْلَ هُوَ جَمْعُ الْمُتَفَرِّقِ يُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ أَيْ مَا تَفَرَّقَ مِنْ أَمْرِهِ وَالْإِحَاطَةُ مَا أَحَاطَ بِالشَّيْءِ بَعْدَ جَمْعِهِ فَهِيَ جَامِعَةٌ لِلشَّمْلِ مُحِيطَةٌ بِهِ فَمِثَالُ الشَّمْلِ مَا قَالُوا فِي كَلِمَةِ الْجَمِيعِ إنَّهَا تُوجِبُ الِاجْتِمَاعَ دُونَ الِانْفِرَادِ كَمَا إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِلْجُنْدِ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَدَخَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَإِنَّ لَهُمْ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ لَا غَيْرُ، بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَمِثَالُ الْإِحَاطَةِ إذَا قَالَ كُلُّ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنِ فَلَهُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَدَخَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الِانْفِرَادِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ فَيَكُونُ لَهُمْ مِائَةٌ فَبَانَ لَك أَنَّ كَلِمَةَ الْجَمِيعِ لِلشَّمْلِ دُونَ الْإِحَاطَةِ وَكَلِمَةَ كُلٍّ لِلشَّمْلِ وَالْإِحَاطَةِ، وَالطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ النَّظَافَةُ وَعَكْسُهَا الدَّنَسُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ وَعَكْسُهَا الْحَدَثُ وَيُقَالُ أَيْضًا عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ حَتَّى يُسَمَّى الدِّبَاغُ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَةً وَأَعَمُّ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ عِبَارَةٌ عَنْ إيصَالِ مُطَهِّرٍ إلَى مَحَلٍّ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ أَوْ يُنْدَبُ إلَيْهِ وَالْمُطَهِّرُ هُوَ الْمَاءُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَالصَّعِيدُ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَالطَّهَارَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حَقِيقِيَّةٌ وَهِيَ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ وَحُكْمِيَّةٌ وَهِيَ التَّيَمُّمُ، وَالطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَفِيفَةٌ كَالْوُضُوءِ وَغَلِيظَةٌ كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

وَإِنَّمَا بَدَأَ الشَّيْخُ بِالْخَفِيفَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعَمُّ وَأَغْلَبُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، بَدَأَ بِهَا تَبَرُّكًا وَدَلِيلًا عَلَى وُجُوبِهِ وَمِنْ أَسْرَارِهَا أَنَّهَا تَشْمَلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ كُلُّهَا مُثَنًّى طَهَارَتَانِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَمُطَهِّرَانِ الْمَاءُ وَالصَّعِيدُ وَحُكْمَانِ الْغُسْلُ وَالْمَسْحُ وَمُوجِبَانِ الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ وَمُبِيحَانِ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ وَكِنَايَتَانِ الْغَائِطُ وَالْمُلَامَسَةُ وَكَرَامَتَانِ تَطْهِيرُ الذُّنُوبِ وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ وَإِتْمَامُهَا مَوْتُهُ شَهِيدًا، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْوُضُوءِ مَاتَ شَهِيدًا» وَفِي الْآيَةِ إضْمَارُ الْحَدَثِ أَيْ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْوُضُوءِ {إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة: 6] وَفِي الْجَنَابَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ} [المائدة: 6] ؛ لِأَنَّ إذَا تَدْخُلُ عَلَى أَمْرٍ كَائِنٍ أَوْ مُنْتَظَرٍ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ تَدْخُلُ عَلَى أَمْرٍ رُبَّمَا كَانَ وَرُبَّمَا لَا يَكُونُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مُلَازِمٌ وَالْجَنَابَةُ لَيْسَتْ بِمُلَازِمَةٍ فَإِنَّهَا قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا تُوجَدُ.
(قَوْلُهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْغُسْلُ هُوَ الْإِسَالَةُ وَحَدُّ الْوَجْهِ مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ طُولًا وَمِنْ شَحْمَةِ الْأُذُنِ إلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ عَرْضًا حَتَّى إنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْعَذَارِ وَالْأُذُنِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ وَإِنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يَصِل الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَ حَاجِبَيْهِ أَجْزَأَهُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ رَمِدَتْ عَيْنُهُ وَاجْتَمَعَ رَمَصُهَا فِي جَانِبِ الْعَيْنِ وَالْمُؤْقِ وَاللِّحَاظِ وَجَبَ عَلَيْهِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَآقِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الرَّمَصُ وَسَخُ الْعَيْنِ وَمُؤْقُ الْعَيْنِ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَجَمْعُهُ آمَاقٍ وَاللِّحَاظُ بِفَتْحِ اللَّامِ طَرَفُهَا مِمَّا يَلِي الْأُذُنَ.
(قَوْلُهُ: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] أَيْ مَعَ الْمَرَافِقِ وَوَاحِدُهَا مِرْفَقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَعَكْسُهُ الْمَفْصِلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ فِي غَسْلِ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَرَافِقِ فَإِنْ عَكَسَ جَازَ، كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا كَانَ مُرَكَّبًا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأَصَابِعِ الزَّائِدَةِ وَالْكَفِّ الزَّائِدِ فَإِنْ تَلِفَ الْعُضْوُ غُسِلَ مَا يُحَاذِي مَحَلَّ الْفَرْضِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا فَوْقَهُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَجِينُ فِي الظُّفْرِ يَمْنَعُ تَمَامَ الطَّهَارَةِ وَالْوَسَخُ وَالدَّرَنُ لَا يَمْنَعُ وَكَذَا التُّرَابُ وَالطِّينُ فِيهِ لَا يَمْنَعُ وَالْخِضَابُ إذَا تَجَسَّدَ يَمْنَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقِشْرَةُ الْقُرْحَةِ إذَا ارْتَفَعَتْ وَلَمْ يَصِل الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهَا لَا يَمْنَعُ.
(قَوْلُهُ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] الْمَسْحُ هُوَ الْإِصَابَةُ فَلَوْ كَانَ شَعْرُهُ طَوِيلًا فَمَسَحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ تَحْتِ أُذُنِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ فَوْقِهَا جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ رَأْسِهِ مَحْلُوقًا فَمَسَحَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْلُوقِ جَازَ وَإِنْ أَصَابَ رَأْسَهُ مَاءُ الْمَطَرِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَسْحِ سَوَاءٌ مَسَحَهُ أَوْ لَا، وَإِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَسْحِ، وَإِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ أَخَذَهُ مِنْ لِحْيَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ، وَإِنْ مَسَحَهُ بِبَلَلٍ فِي كَفِّهِ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ جَازَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى.
(قَوْلُهُ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْوَجْهِ وَالْأَيْدِي تَقْدِيرُهُ فَاغْسِلُوا

اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست