responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 292
وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْ مَا لِي عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً جَازَ إذَا قَبَضَهُ وَعَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمُضَارَبَةَ إلَى الْمَقْبُوضِ وَذَلِكَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ مُضَارَبَةً لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا اشْتَرَاهُ الْمُضَارِبُ بِذَلِكَ يَكُونُ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا بِقَبْضِ الطَّالِبِ، أَوْ وَكِيلِهِ، أَوْ بِإِبْرَائِهِ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَبَقِيَ الدَّيْنُ بِحَالِهِ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَالدَّيْنُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَذَلِكَ يُنَافِيهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ وَيَبْرَأُ الْمُضَارِبُ مِنْ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُون الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشَاعًا لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا مِنْهُ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً) لِأَنَّ شَرْطَ ذَلِكَ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الْمُسَمَّاةُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ فَلِلْمُضَارِبِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ عَمِلَ فِي هَذَا فَرَبِحَ، أَوْ لَمْ يَرْبَحْ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عَمَلَهُ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِبَدَلٍ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الْبَدَلَ رَجَعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْبَحْ لَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ لَا تَكُونُ أَقْوَى مِنْ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُضَارِبَ فِي الصَّحِيحَةِ إذَا لَمْ يَرْبَحْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَفِي الْفَاسِدَةِ أَوْلَى.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ الْأَجْرُ رَبِحَ، أَوْ لَمْ يَرْبَحْ؛ لِأَنَّهَا إذَا فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً، وَالْإِجَارَةُ يَجِبُ فِيهَا الْأَجْرُ رَبِحَ، أَوْ لَمْ يَرْبَحْ، وَالْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْهَلَاكِ اعْتِبَارًا بِالْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْكَرْخِيِّ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى أَصْلِهِمَا فِي تَضْمِينِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ قَدْ صَارَتْ إجَارَةً بِدَلَالَةِ وُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِيهَا، وَالْمُضَارِبُ فِي حُكْمِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ لَا يَدَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَمْنَعُ خُلُوصَ يَدِ الْمُضَارِبِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا دَفَعَا مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَشُرِطَ عَمَلُهُمَا حَيْثُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالِكَيْنِ لِلْمَالِ فَصَارَا كَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ الصَّغِيرِ فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ لِلْمَالِ، وَالْمُكَاتَبُ إذَا شَرَطَ عَمَلَ مَوْلَاهُ لَمْ تَفْسُدْ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ أَكْسَابَ مُكَاتَبِهِ فَهُوَ فِيهَا كَالْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ مُطْلَقَةً) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِالزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ، وَالسِّلْعَةِ (جَازَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ وَيُسَافِرَ وَيُبْضِعَ وَيُودِعَ وَيُوَكِّلَ) لِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الِاسْتِرْبَاحُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتِّجَارَةِ فَيَنْتَظِمُ مَا هُوَ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ وَالتَّوْكِيلُ، وَالْإِبْضَاعُ، وَالْإِيدَاعُ مِنْ صُنْعِهِمْ وَعَادَتِهِمْ، وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِي الْمَالِ بِعِوَضٍ فَإِذَا أَبْضَعَ حَصَلَ الْمَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ أَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ مِنْ الْأُجَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بَيْتًا يَحْفَظُ فِيهِ الْمَتَاعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى حِفْظِهِ إلَّا بِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّوَابَّ لِحَمْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَحْصُلُ بِنَقْلِ الْمَتَاعِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ، وَأَمَّا الْمُسَافَرَةُ بِالْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي بَرٍّ، أَوْ بَحْرٍ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْهُ إلَى أَهْلِهِ فِي لَيْلَتِهِ فَيَبِيتُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ بِالْمَالِ فِيهِ خَطَرٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ.
وَقَوْلُهُ: وَيُسَافِرَ بِالْمَالِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ الْمَالِ فِي الْحَضَرِ ضَمِنَ وَنَفَقَةُ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَكِسْوَتُهُ وَرُكُوبُهُ وَعَلَفُ الدَّوَابِّ الَّتِي يَرْكَبُهَا فِي سَفَرِهِ وَيَتَصَرَّفُ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ، وَغَسْلُ ثِيَابِهِ وَدُهْنُ السِّرَاجِ، وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ وَشِرَاءُ دَابَّةٍ لِلرُّكُوبِ وَاسْتِئْجَارُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَمَّا الدَّوَاءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالْفَصْدُ وَالِادِّهَانُ وَالِاخْتِضَابُ وَمَا يَرْجِعُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ فَهُوَ فِي مَالِهِ دُونَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَفِي الْكَرْخِيِّ الدُّهْنُ فِي مَالِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: فِي مَالِ

اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست