responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 227
الرَّهْنَ لَمْ يَصِحَّ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَحُوزًا مُفْرَغًا مُمَيَّزًا تَمَّ الْعَقْدُ فِيهِ) فِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اتِّصَافَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ يَعْنِي لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا بِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَاتَّصَفَ بِهَا عِنْدَ الْقَبْضِ يَتِمُّ فِيهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا بِهَا عِنْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ فَاسِدًا لَا بَاطِلًا؛ إذْ لَوْ وَقَعَ بَاطِلًا لَقَالَ صَحَّ فَلَمَّا قَالَ تَمَّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ بِدُونِهَا نَاقِصًا، وَالْبَاطِلُ فَائِتُ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ، وَالْفَاسِدُ مَوْجُودُ الْأَصْلِ فَائِتُ الْوَصْفِ وَقَوْلُهُ " مُحْرَزًا " احْتِرَازًا عَنْ رَهْنِ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ - بِدُونِ النَّخْلِ - وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ " مُفَرَّغًا " احْتِرَازًا عَنْ رَهْنِ النَّخْلِ بِدُونِ الثَّمَرَةِ وَرَهْنِ الْأَرْضِ بِدُونِ الزَّرْعِ، وَقَوْلُهُ: مُمَيَّزًا احْتِرَازًا عَنْ رَهْنِ الْمُشَاعِ بِأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ، أَوْ ثُلُثَهُ، قَوْلُهُ (وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الرَّهْنِ) لِأَنَّ اللُّزُومَ إنَّمَا هُوَ بِالْقَبْضِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْوَثِيقَةُ لَا يَحْصُلُ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَالِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً لَا يَكُونُ بِدُونِ الْقَبْضِ فَكَذَا الِاسْتِيفَاءُ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَقَبَضَهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ أَمَانَةٌ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ) . قَوْلُهُ: مَضْمُونٍ وَقَعَ تَأْكِيدًا، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الدُّيُونِ مَضْمُونَةٌ وَقِيلَ احْتَرَزَ عَنْ ضَمَانِ الدَّرَكِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَأَخَذَ مِنْ الْقَائِلِ رَهْنًا بِذَلِكَ قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ لَمْ يَجُزْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ وَالْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ كَمَا إذَا كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالْحَظْرِ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ تَعَامُلًا وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ فِي الرَّهْنِ إيفَاءً، وَفِي الِارْتِهَانِ اسْتِيفَاءً فَيَحْصُلُ فِيهِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ كَالْبَيْعِ أَمَّا الْكَفَالَةُ لِالْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ وَالْتِزَامِ الْأَفْعَالِ تَصِحُّ مُضَافًا إلَى الْمَالِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَإِنْ أَخَذَ رَهْنًا بِالدَّرَكِ وَقَبَضَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ يَهْلِكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ حَيْثُ وَقَعَ بَاطِلًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ رَهَنْتُك هَذَا الشَّيْءَ لِتُقْرِضَنِي كَذَا فَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سَمَّى لَهُ مِنْ الْقَرْضِ بِمُقَابَلَتِهِ لِأَنَّ الْمَوْعُودَ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَلِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِسَوْمِ الرَّهْنِ فَكَانَ مَضْمُونًا كَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الْبَيْعِ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَخَافَ الْمُشْتَرِي الِاسْتِحْقَاقَ فَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالثَّمَنِ إنْ أَدْرَكَهُ فِيهِ دَرَكٌ كَانَ بَاطِلًا حَتَّى لَا يَمْلِكَ حَبْسَ الرَّهْنِ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَمْ لَا، وَإِنْ هَلَكَ يَهْلِكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ عَقْدُ اسْتِيفَاءٍ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الِاسْتِيفَاءُ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالِاسْتِيفَاءُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُوبَ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَاجِبٌ وَلَا عَلَى شَرَفِ الْوُجُوبِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ الرَّهْنَ لِيُقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ الرَّهْنَ مِنْهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ تَسْلِيمُ الْعَشَرَةِ إلَى الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ حَصَلَ بَعْدَ الْقَرْضِ حُكْمًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمَوْعُودَ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ فِي اعْتِبَارِ الضَّمَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ فَيُجْعَلُ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ كَذَلِكَ هُنَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ، أَوْ بِالْإِبْرَاءِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا فَإِنَّ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِتَعْجِيزِهِ لِنَفْسِهِ شَاءَ الْمَوْلَى، أَوْ أَبَى لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَأَكِّدٍ.
وَفِي النِّهَايَةِ إذَا أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ رَهْنًا بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ.
وَقَدْ أُخِذَ عَلَى الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَيْضًا بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ، وَالْمَغْصُوبِ وَلَا دَيْنَ فِيهَا وَيُجَابُ عَنْهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَا هُوَ قِيلَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَمَذْهَبُ الشَّيْخِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ، وَرَدُّ الْعَيْنِ مُخَلِّصٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ فَعَلَى هَذَا هِيَ دُيُونٌ وَلِأَنَّ مُوجَبَ الْغَصْبِ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إنْ أَمْكَنَ، أَوْ رَدُّ قِيمَتِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ وَذَلِكَ دَيْنٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَدُّ الْعَيْنِ أَصْلٌ، وَالْقِيمَةِ مُخَلِّصٌ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ، وَالْعَيْنِ، وَفِي شَرْحِهِ مَا كَانَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ جَازَ الرَّهْنُ

اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست