responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 212
الْمَطَرِ وَقُدُومِ فُلَانٍ مِنْ سَفَرِهِ، وَإِلَى الْمَيْسَرَةِ فَالتَّأْجِيلُ بَاطِلٌ وَالثَّمَنُ حَالٌّ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالنَّيْرُوزِ، وَالْمِهْرَجَانِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ صَحَّ التَّأْجِيلُ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ، أَوْ دَيْنٌ سِوَاهُ إلَى أَجَلٍ حَلَّ مَا عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَوْتَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُبْطِلُ الْأَجَلَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّهِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ، وَمَوْتُ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ لَا يُبْطِلُ الْأَجَلَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ حَيٌّ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُطَالِبُوهُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَوْلُهُ:

(وَكُلُّ دَيْنٍ حَالٍّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ صَارَ مُؤَجَّلًا إلَّا الْقَرْضَ فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ اصْطِنَاعُ مَعْرُوفٍ، وَفِي جَوَازِ تَأْجِيلِهِ جَبْرٌ عَلَى اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهُ إعَارَةٌ وَصِلَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى تَصِحَّ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ وَلَا يَمْلِكَهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالصَّبِيِّ، وَالْوَصِيِّ وَمُعَاوَضَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ فِيهِ أَيْ لِمَنْ أَجَّلَهُ إبْطَالُهُ كَمَا فِي الْإِعَارَةِ؛ إذْ لَا إجْبَارَ فِي التَّبَرُّعِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعَ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَهُوَ رِبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الرِّبَا]
الرِّبَا فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّيَادَةُ، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِصِفَةٍ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ زِيَادَةٌ، أَوْ لَا أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً رِبًا وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَالرِّبَا حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَكْلُ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبَا أَشَدُّ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ وَمَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «آكِلُ الرِّبَا وَمُوكِلُهُ وَكَاتِبُهُ وَشَاهِدُهُ إذَا عَلِمُوا بِهِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (الرِّبَا مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا) سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولًا، أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ. قَوْلُهُ: (فَالْعِلَّةُ فِيهِ الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ، أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ) وَيُقَالُ: الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ وَهُوَ أَشْمَلُ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْكَيْلَ، وَالْوَزْنَ مَعًا بِخِلَافِ لَفْظِ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْوَزْنَ وَلَفْظُ الْوَزْنِ لَا يَتَنَاوَلُ الْكَيْلَ، وَأَمَّا لَفْظُ الْقَدْرِ فَيَشْمَلُهُمَا مَعًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعِلَّةُ الطَّعْمُ مَعَ الْجِنْسِ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ وَقَالَ مَالِكٌ الْعِلَّةُ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ مَعَ الْجِنْسِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ بَاعَ قَفِيزَ نَوْرَةٍ بِقَفِيزَيْ نَوْرَةٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْكَيْلِ مَعَ الْجِنْسِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ لِعَدَمِ الطَّعْمِ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ بِطِّيخَةٍ بِبِطِّيخَتَيْنِ وَبَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ وَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْكَيْلِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ لِوُجُودِ الطَّعْمِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ حَتَّى لَوْ بَاعَ خَمْسَ حَفَنَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ بِسِتِّ حَفَنَاتٍ مِنْهَا وَهُمَا لَا يَبْلُغَانِ حَدَّ نِصْفِ صَاعٍ جَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ بَاعَ حَفْنَةً بِقَفِيزٍ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ لَا يَبْلُغُ حَدَّ نِصْفِ صَاعٍ، وَالْآخَرُ يَبْلُغُهُ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ فَبَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ كَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ فَإِنَّ الرِّبَا يَثْبُتُ فِيهِ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْقَدْرِ وَهُوَ الْوَزْنُ وَالْجِنْسُ وَعِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ لِعَدَمِ الطَّعْمِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَالْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُحَرِّمُ النَّسَاءَ بَيَانُهُ إذَا بَاعَ هَرَوِيًّا بِهَرَوِيٍّ، أَوْ مَرْوِيًّا بِمَرْوِيٍّ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ يَجُوزُ وَكَذَا إذَا بَاعَ شَاةً بِشَاةٍ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ يَجُوزُ وَكَذَا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ وَهِيَ بِانْفِرَادِهَا تُحَرِّمُ النَّسَاءُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّفَاضُلَ يَحِلُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا بِيعَ الْمَكِيلُ، أَوْ الْمَوْزُونُ بِجِنْسِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَاضَلَا لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ رِبًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْفَضْلُ رِبًا وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا» وَيُرْوَى مِثْلٌ بِمِثْلٍ بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى مَعْنَى بِيعُوا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَوْ تَبَايَعَا صُبْرَةَ طَعَامٍ بِصُبْرَةِ طَعَامٍ مُجَازَفَةً، ثُمَّ كِيلَتَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ.
وَقَالَ زُفَرُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَتْ الْمُمَاثَلَةُ

اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست