responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 148
لَزِمَهُ اعْتِكَافُهُمَا وَيَوْمُهُمَا وَكَذَا إذَا أَوْجَبَ اعْتِكَافَ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ قَالَ نَوَيْت اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ لَفْظِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَانَتْ مُتَتَابِعَةً وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ فِيهَا) لِأَنَّ مَبْنَى الِاعْتِكَافِ عَلَى التَّتَابُعِ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا قَابِلَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّفْرِيقِ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ فَيَجِبُ عَلَى التَّفْرِيقِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى التَّتَابُعِ وَإِنْ نَوَى الْأَيَّامَ خَاصَّةً فِي الِاعْتِكَافِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ لَفْظِهِ وَإِذَا أَوْجَبَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ شَهْرٍ بِصَوْمٍ مُتَتَابِعٍ سَوَاءٌ ذَكَرَ التَّتَابُعَ فِي إيجَابِهِ أَوْ لَا وَتَعْيِينُ ذَلِكَ الشَّهْرِ إلَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ نَذْرَهُ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَعْتَكِفَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَيَخْرُجُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْجَبَ صَوْمَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّتَابُعَ وَلَا نَوَاهُ فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ تَابَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ وَلَوْ نَوَى عِنْدَ النَّذْرِ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِيِ لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ شَهْرٌ بِاللَّيَالِيِ وَالْأَيَّامِ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَعَلَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً إلَّا إذَا قَالَ عِنْدَ النَّذْرِ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْأَيَّامُ خَاصَّةً إنْ شَاءَ تَابَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَالَ نَوَيْت النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ صُدِّقَ وَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ إنْ شَاءَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَزِمَهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَقَالَ نَوَيْت اللَّيْلَ خَاصَّةً صُدِّقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْحَجِّ]
(كِتَابُ الْحَجِّ) الْحَجُّ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَصْدِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ قَصْدِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لِأَدَاءِ رُكْنٍ مِنْ الدِّينِ عَظِيمٍ وَالْعِبَادَاتُ ثَلَاثٌ بَدَنِيٌّ مَحْضٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَمَالِيٌّ مَحْضٌ كَالزَّكَاةِ وَمُرَكَّبٌ مِنْهُمَا وَهُوَ الْحَجُّ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ شَرَعَ فِي الْمُرَكَّبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْحَجُّ وَاجِبٌ) أَيْ فَرْضٌ مُحْكَمٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَعَمُّ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ وَاجِبٌ وَلَيْسَ كُلُّ وَاجِبٍ فَرْضًا.
وَالْمَشْرُوعَاتُ أَرْبَعَةٌ فَرِيضَةٌ وَوَاجِبٌ وَسُنَّةٌ وَنَافِلَةٌ فَالْفَرِيضَةُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ كَالْكِتَابِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَالْوَاجِبُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالسُّنَّةُ هِيَ طَرِيقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِإِحْيَائِهَا وَالنَّافِلَةُ هِيَ مَا شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَلَا يَلْحَقُ تَارِكَهَا مَأْثَمٌ وَلَا عِقَابٌ فَالْحَجُّ فَرْضٌ مُحْكَمٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] الْآيَةَ وَهَلْ وُجُوبُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ خَاصٍّ وَالْمَوْتُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ نَادِرٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ السَّلَامَةَ أَمَّا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ الْمَوْتَ إمَّا بِسَبَبِ الْمَرَضِ أَوْ الْهَرَمِ فَإِنَّهُ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ إجْمَاعًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّأْخِيرُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ أَخَّرَهُ كَانَ آثِمًا وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» وَحُجَّةُ مُحَمَّدٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهُ سَنَةَ سِتٍّ وَحَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ عَشْرٍ وَلَوْ كَانَ وُجُوبُهُ عَلَى الْفَوْرِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ وَالْجَوَابُ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَلِمَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَكَانَ آمِنًا مِنْ فَوَاتِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدَّى بِمُنْفَرِدٍ بَلْ يُقَامُ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَإِنَّمَا شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ وَلَوْ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ» فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَبَيْنَ الْحَجِّ فِي حَقِّ الْعَبْدِ حَتَّى وَجَبَا عَلَيْهِ دُونَ الْحَجِّ قِيلَ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِالْمَالِ غَالِبًا وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الْحَجِّ يَفُوتُ فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَقُدِّمَ حَقُّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ لِافْتِقَارِ الْعَبْدِ وَغِنَى اللَّهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ

اسم الکتاب : الجوهرة النيرة على مختصر القدوري المؤلف : الحدادي    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست