اسم الکتاب : البناية شرح الهداية المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 294
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفإن قلت: روى أحمد والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» .
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، فهذا يدل على أنه لا وضوء في القهقهة.
قلت: ظاهر هذا متروك بالإجماع لأن في البول والغائط يجب الوضوء وإن لم يوجد الصوت والريح، وكذا في الدم والقيح إن أخرجا من المخرج المعتاد، وخصوصا على مذهب الشافعي، فإن عنده يجب الوضوء في مس الذكر، ومس النساء، ولا صوت، ولا ريح، فلما لم يدل هذا الحديث على نفي الوضوء فيما ذكرنا من الصوت دل على أنه لا يدل على نفي الوضوء في القهقهة أيضا، على أنا نقول: إن هذا الحديث ورد في حق من شك في خروج الريح، والحكم فيه كذلك، أما في من تحقق الريح والصوت فلا.
فإن قلت: قال الشافعي: لو كانت القهقهة حدثا في الصلاة لكان حدثا خارجها، لأن نواقض الطهارة سوى فيها الصلاة وخارجها، كما في سائر الأحداث.
قلت: الفرق بينهما ظاهر، وهو أن المصلي في مناجاة الرب سبحانه، والمقصود بالصلاة إظهار الخشوع والخضوع والتعظيم لله تعالى، فالضحك قهقهة فيها جناية عظيمة فناسب ذلك انتقاض وضوئه زجرا له كتنجيس الخمر من الشرع إهانة لها، وزجرا للشاربين ليجتنبوها.
وهذه المعاني لا توجد خارج الصلاة ولأن من بلغ هذه الغاية من الضحك وربما غاب حسه، فأشبه نوم المضطجع فجعل حدثا في الصلاة لزيادة الجنابة على العبادة. ولأن النص إذ ورد على خلاف القياس لا لقياس على غيره بل يقتصر على مورده فلأجل هذا لم يجعل حدثا خارج الصلاة، ولا في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة.
فإن قلت: لم يكن في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بئر ولا ركية ولا حفرة، فكيف وقع فيه الضرير.
قلت: المراد بالبئر حفرة عند المسجد يجتمع فيه المطر، وليس في أكثر الحديث أنه كان يصلي في المسجد، فيجوز أن يقال: كان يصلي في غير المسجد، وفي الموضع الذي كان فيه ركية. والذي فيه ذكر المسجد رواية أبي موسى وهو عدل ثقة ثبت فهو أولى.
اسم الکتاب : البناية شرح الهداية المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 294