responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
الْحَدِيثِ وَعَزَوْهُ إلَى ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ دَائِمًا يُفْتِي النَّاسَ وَيُحَدِّثُهُمْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي رَوَاهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا سِيَّمَا عِنْدَ سَالِمٍ ابْنِهِ وَنَافِعٍ مَوْلَاهُ، وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ لَا سَالِمٌ وَلَا نَافِعٌ وَلَا عَمِلَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَذُكِرَ عَنْ التَّابِعِينَ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ فَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى فِيهَا، وَلَا يَنْقُلُهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَّا رِوَايَةً مُخْتَلِفَةً مُضْطَرِبَةً عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلَا أَهْلِ الشَّامِ وَلَا أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَطَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَلَامَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمَوْضِعُ وَلَا يَضُرُّ الْحَافِظَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لِضَعْفِهِ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ حَدَّهَا هُوَ مَا حَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ وَحَرَّمَ مُخَالَفَتَهُ وَحَدُّهُمْ يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ مُخَالِفٌ حَدَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ حَدٌّ بِمَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا ضَبْطَ فِيهِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَا اسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا صِرْنَا إلَيْهِ يَشْهَدُ لَهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ أَمَّا الشَّرْعُ فَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا الْعَقْلُ، فَإِنَّا نَتَيَقَّنُ بِعَدَمِ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّنَا وَالظَّنُّ كَالْيَقِينِ فَقَدْ اسْتَعْمَلْنَا الْمَاءَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ يَقِينًا وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ بَلْ اعْتَبَرَ غَلَبَةَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ مُؤَيَّدٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَكَانَ الْعَمَلُ بِهِ مُتَعَيِّنًا؛ وَلِأَنَّ دَلِيلَنَا، وَهُوَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرٌ وَحَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَإِسْلَامِهِ مُتَقَدِّمٌ وَالْمُتَأَخِّرُ يَنْسَخُ الْمُتَقَدِّمَ لَوْ ثَبَتَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحْمَدُ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الْقُلَّتَيْنِ بِنَفْسِهِ طَهُرَ الْمَاءُ مَعَ بَقَاءِ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ نَجَاسَةُ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَالْخَمْرِ بِاعْتِبَارِ الرَّائِحَةِ وَاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ لَا لِذَاتِهَا، وَهَذَا لَا يُعْقَلُ وَلَا تَشْهَدُ لَهُ أُصُولُ الشَّرْعِ وَلَوْ أُضِيفَتْ قُلَّةٌ نَجِسَةٌ إلَى قُلَّةٍ نَجِسَةٍ عَادَتَا طَاهِرَتَيْنِ عِنْدَهُمْ وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى تَنَجُّسِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ بِقَلِيلِ النَّجَاسَةِ دُونَ كَثِيرِهَا؛ لِأَنَّهُمْ نَجَّسُوا الْقُلَّةَ الطَّاهِرَةَ بِرِطْلِ مَاءٍ نَجِسٍ، وَلَمْ يُنَجِّسُوهَا بِقُلَّةٍ نَجِسَةٍ مِنْ الْمَاءِ بَلْ طَهَّرُوهَا بِهَا، وَيُؤَدِّي أَيْضًا إلَى تَوَلُّدِ طَاهِرٍ بِاجْتِمَاعِ نَجِسَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا تُحِيلُهُ الْعُقُولُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ كَالْجَارِي) أَيْ، وَإِنْ يَكُنْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ كَالْجَارِي فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ كَالْجَارِي إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ الْوُقُوعِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْن الْمَرْئِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إنَّمَا يَقْتَضِي عِنْدَ كَثْرَةِ الْمَاءِ عَدَمَ التَّنَجُّسِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهُوَ أَيْضًا الْحُكْمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ، وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَصُحِّحَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُفِيدُ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ الْوُقُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْقُدُورِيِّ بِقَوْلِهِ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ أَنَّ كُلَّ مَا خَالَطَهُ النَّجَسُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ جَارِيًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَعَلَى هَذَا إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْوُقُوعِ لَا يَتَنَجَّسُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ إلَّا كَالْجَارِي فَإِذَا تَنَجَّسَ مَوْضِعُ الْوُقُوعِ مِنْ الْجَارِي فَمِنْهُ أَوْلَى أَنْ يَتَنَجَّسَ وَفِي الْبَدَائِعِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَلَكِنْ يَتَوَضَّأُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتْرُكُ مِنْ مَوْضِع النَّجَاسَةِ قَدْرَ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِالنَّجَاسَةِ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ، وَشَكَكْنَا فِيمَا وَرَاءَهُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِيمَنْ اسْتَنْجَى فِي مَوْضِعٍ مِنْ حَوْضٍ لَا يُجْزِيه أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَبْلِ تَحْرِيكِ الْمَاءِ، وَلَوْ وَقَعَتْ الْجِيفَةُ فِي وَسَطِ الْحَوْضِ عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنْ كَانَ بَيْنَ الْجِيفَةِ وَبَيْنَ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ الْحَوْضِ مِقْدَارُ مَا لَا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ بِأَنْ بَالَ إنْسَانٌ أَوْ اغْتَسَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي) أَيْ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ لَكِنَّهُ ذَكَرَ عِبَارَةَ النِّصَابِ فِي بَحْثِ الْمَاءِ الْجَارِي (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ إلَخْ) أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا عُلِمَ فِيهِ النَّجَسُ بِأَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ لَا مُجَرَّدُ الْمُخَالَطَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ جَارِيًا إذْ لَوْ كَانَ جَارِيًا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَسِ كَيْفَ يَكُونُ الصَّحِيحُ عَدَمَ جَوَازِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الشرنبلالية ذِكْرُ مَا قُلْته وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست