responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 79
لِكَثْرَتِهِ تَوَضَّأَ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي هُوَ طَاهِرٌ عِنْدَهُ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ فِي إصَابَةِ الطَّاهِرِ مِنْهُ وَمَا كَانَ قَلِيلًا يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ خَلَصَتْ إلَى جَمِيعِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ لَمْ يُتَوَضَّأْ مِنْهُ اهـ.
وَقَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْكَرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي تَحْدِيدِ الْكَثِيرِ: وَالظَّاهِرُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ وَالصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْكُولٌ إلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي خُلُوصِ النَّجَاسَةِ اهـ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: الَّذِي هُوَ جَمَعَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو عِصْمَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُوَقِّتُ عَشْرَةً فِي عَشْرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ لَا أُوَقِّتُ فِيهِ شَيْئًا اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: ثُمَّ الْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا هُوَ الْخُلُوصُ، وَهُوَ أَنْ يَخْلُصَ بَعْضُهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَلَمْ يُفَسِّرْ الْخُلُوصَ فِي رِوَايَةِ الْأُصُولِ.
وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ حَدِّ الْحَوْضِ فَقَالَ مِقْدَارُ مَسْجِدِي فَذَرَعُوهُ فَوَجَدُوهُ ثَمَانِيَةً فِي ثَمَانِيَةٍ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَسَحُوا مَسْجِدَ مُحَمَّدٍ فَكَانَ دَاخِلُهُ ثَمَانِيًا فِي ثَمَانٍ وَخَارِجُهُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ لَا أُوَقِّتُ فِيهِ شَيْئًا اهـ.
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا قَالَ هُوَ مَوْكُولٌ إلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي خُلُوصِ النَّجَاسَةِ مِنْ طَرَفٍ إلَى طَرَفٍ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي ذَلِكَ تَجْرِي مَجْرَى الْيَقِينِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ كَمَا إذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الرَّائِي وَظَنِّهِ اهـ.
وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْمُجْتَبَى وَفِي الْغَايَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْغَدِيرُ الْعَظِيمُ هُوَ الَّذِي لَا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفَوَّضَهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ اهـ.
وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ كُتُبِ أَئِمَّتِنَا فَثَبَتَ بِهَذِهِ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنْ مَشَايِخِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مَذْهَبُ إمَامِنَا الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَأَمَّا مَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ عَامَّتُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَثَبَتَ بِهَذِهِ النُّقُولِ إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَدَمُ التَّقْدِيرِ بِشَيْءٍ. هَذَا وَفِي الْهِدَايَةِ الْغَدِيرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يَتَحَرَّك أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِتَحْرِيكِ الطَّرَفِ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَبِرُ التَّحْرِيكَ بِالِاغْتِسَالِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ التَّحْرِيكُ بِالْيَدِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ بِالتَّوَضُّؤِ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرُوا بِالْمَسَّاحَةِ عَشْرًا فِي عَشْرٍ بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي السِّرَاجِ ثُمَّ قَالَ وَصَحَّحَ فِي الْوَجِيزِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَتَفْسِيرُ الْخُلُوصِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ حُرِّكَ جَانِبٌ يَتَحَرَّك الْجَانِبُ الْآخَرُ فَيَكُونُ صَغِيرًا، وَإِلَّا كَانَ كَبِيرًا.
وَفِي الشَّرْحِ لِلزَّيْلَعِيِّ اعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ بِالتَّحْرِيكِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ بِالْمَسَّاحَةِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ حَتَّى قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْمُحِيطِ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ أَنْ يَرْتَفِعَ وَيَنْخَفِضَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا بَعْدَ الْمُكْثِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَصْلُ الْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَخْلُو عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَحَرِّكٌ بِطَبْعِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فِي التَّقْدِيرِ فَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْمَسَّاحَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ ثَمَانِيًا فِي ثَمَانٍ وَمِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَمَّا مَنْ اعْتَبَرَ بِالتَّحْرِيكِ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ بِالِاغْتِسَالِ رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ بِالتَّوَضُّؤِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ اغْتِسَالٍ وَلَا وُضُوءٍ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ بِغَمْسِ الرِّجْلِ وَقِيلَ يُلْقَى فِيهِ قَدْرُ النَّجَاسَةِ مِنْ الصَّبْغِ فَمَوْضِعٌ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الصَّبْغُ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِالتَّكَدُّرِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَكْبَرُ رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْخُلُوصَ يُعْتَبَرُ بِالتَّحْرِيكِ وَالْمُتَأَخِّرُونَ اعْتَبَرُوهُ بِشَيْءٍ آخَرَ فَقِيلَ بِوُصُولِ الْكُدْرَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَقِيلَ بِالصَّبْغِ وَقِيلَ بِعَشْرِ فِي عَشْرٍ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي غَيْرِ كِتَابٍ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُمْ نَقَلُوا ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ اعْتِبَارَ الْخُلُوصِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِلَا تَقْدِيرٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ نَقَلُوا ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ اعْتِبَارَهُ بِالتَّحْرِيكِ وَبَيْنَ النَّقْلَيْنِ مُنَافَاةٌ فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الظَّانِّينَ وَالتَّحْرِيكُ أَمْرٌ حِسِّيٌّ ظَاهِرٌ لَا يَخْتَلِفُ وَلَعَلَّ التَّوْفِيقَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ لَوَصَلَ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّحْرِيكُ بِالْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ ثُمَّ حَيْثُ عَلِمْت أَنَّ اعْتِبَارَ التَّحْرِيكِ مَنْقُولٌ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ يَظْهَرُ لَك أَنَّ اعْتِبَارَ الْعَشْرِ فِي الْعَشْرِ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ الْمَذْهَبِ بِالْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا تَخْتَلِفُ الْآرَاءُ فِي عَدَمِ خُلُوصِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ فَقَدَّرُوا بِهِ لِئَلَّا يَقَعَ مَنْ لَا رَأْيَ لَهُ أَوْ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْوَسْوَسَةُ فِي تَنْجِيسِهِ أَوْ تَنْجِيسِ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ثَمَانٍ فِي ثَمَانٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ مِنْ الْحَرَكَةِ هَلْ هِيَ حَرَكَةُ الْيَدِ أَوْ حَرَكَةُ الِاغْتِسَالِ أَوْ حَرَكَةُ الْوُضُوءِ، وَهَذِهِ الْحَرَكَةُ هِيَ الْمُتَوَسِّطَةُ؛ وَلِذَا رَجَّحُوهَا وَاعْتَبَرُوا لَهَا عَشْرًا فِي عَشْرٍ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست