responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 48
الْغُسْلِ فِي مَوَاضِعَ فِي تَفْسِيرِهِ لُغَةً وَشَرْعًا وَفِي سَبَبِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ وَصِفَتِهِ وَحُكْمِهِ أَمَّا تَفْسِيرُهُ لُغَةً فَهُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ وَهُوَ تَمَامُ غَسْلِ الْجَسَدِ وَاسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ أَيْضًا وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ فَوَضَعْت لَهُ غُسْلًا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالضَّمُّ هُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَاصْطِلَاحًا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ غَسْلُ الْبَدَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْغَسْلِ بِالْفَتْحِ لُغَةً وَشَرْعًا
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ إسَالَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ لَمْ يَجُزْ الْغُسْلُ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْأَطْهَرِ بِضَمِّ الْهَاءِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ تَطَهَّرَ فَأُدْغِمَتْ التَّاءُ فِي الطَّاءِ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ فَجِيءَ بِحَرْفِ الْوَصْلِ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى النُّطْقِ فَصَارَ اطَّهَّرُوا وَبَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ وَلَا دِرَايَةَ يَقْرَأُ بِالِاطِّهَارِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِحِرْمَانِهِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ تَطْهِيرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَاسْمُ الْبَدَنِ يَقَعُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إلَّا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ قَضِيَّةِ النَّصِّ، وَكَذَا مَا يَتَعَسَّرُ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَسِّرَ مَنْفِيٌّ كَالْمُتَعَذِّرِ كَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ، فَإِنَّ فِي غَسْلِهِمَا مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ الْعَيْنَ شَحْمٌ لَا تَقْبَلُ الْمَاءَ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُ مَنْ تَكَلَّفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَلِهَذَا لَا تُغْسَلُ الْعَيْنُ إذَا اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ نَجِسٍ؛ وَلِهَذَا وَجَبَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي غَسْلِهِمَا فَشَمِلَهُمَا نَصُّ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ كَمَا شَمِلَهُمَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبِلُّوا الشَّعْرَ وَانْقُوَا الْبَشَرَةَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ بِخِلَافِهِمَا فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَلَا تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ بِدَاخِلِهِمَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ لَا يُعَارِضُهُ إذْ كَوْنُهُمَا مِنْ الْفِطْرَةِ لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّهَا الدِّينُ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَالْمُرَادُ أَعْلَى الْوَاجِبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى الْأَقْوَالِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ الْمَرْوِيِّ عَلَى حَالَةِ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ» كَأَنَّهُ يَعْنِي مَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ لِلْجُنُبِ ثَلَاثًا فَرِيضَةً» لَكِنْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خُرُوجِ اثْنَيْنِ مِنْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمُرَادُ بِأَعْلَى الْوَاجِبَاتِ الْإِسْلَامُ لَكِنْ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاوِي الْحُصَرِيُّ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَوْلُودَ يُولَدُ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مَرَّةً لَمْ يُنْقَلْ أَبَدًا إلَى غَيْرِهِ وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُولَدُ عَلَى الْخِلْقَةِ الْقَابِلَةِ لِلْإِسْلَامِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى خِلْقَتِهِ وَتَفَكَّرَ فِيهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ لَدَلَّتْهُ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيِّتِهِ، وَلَوْ شَرِبَ الْمَاءَ عَبًّا أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَضْمَضَةِ لَا مَصًّا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا إلَّا أَنْ يَمُجَّهُ وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَا يَخْرُجُ بِالشُّرْبِ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ أَوْ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَمُجَّهُ، وَهُوَ أَحْوَطُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَحْوَطَ الْخُرُوجُ وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَحْوَطَ أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْمَجَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمَضَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ الْخُرُوجَ عَنْ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لُمْعَةٌ) بِضَمِّ اللَّامِ وَمَنْ فَتَحَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْبَدَنِ أَوْ الْعُضْوِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فِي الِاغْتِسَالِ أَوْ الْوُضُوءِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ قِطْعَةٌ مِنْ نَبْتٍ أَخَذَتْ فِي الْيُبْسِ. اهـ.
تَعْرِيفَاتٌ (قَوْلُهُ: بِالْأَطْهَرِ) بِضَمِّ الْهَاءِ أَيْ مُشَدَّدَةً وَبِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْضًا، وَهُوَ مَصْدَرُ اطَّهَّرَ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَصْلُهُ تَطَهَّرَ قُلِبَتْ التَّاءُ طَاءً ثُمَّ أُدْغِمَتْ ثُمَّ جِيءَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ لِلنُّطْقِ بِالسَّاكِنِ (قَوْلُهُ: وَاسْمُ الْبَدَنِ يَقَعُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إلَخْ) نَقَلَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ عَنْ الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْبَدَنَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْأَلْيَةِ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَالرَّأْسُ وَالْعُنُقُ وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ خَارِجَةٌ لُغَةً دَاخِلَةٌ تَبَعًا شَرْعًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ شَمِلَهُمَا الثَّانِي
(قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ يَعْنِي مَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ فَاعِلَ يَعْنِي ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْحَامِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَصْدَرِ فِي قَوْلِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ الْمَرْوِيِّ وَالْمَعْنَى كَأَنَّ الْحَامِلَ قُصِدَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ الضَّمِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَعُودَانِ عَلَى الْمَجِّ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ الْخُرُوجَ عَنْ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ إلَخْ) أَقُولُ: شَنَّعَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ بِمَا لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهُ وَكَذَا أَخُو الشَّارِحِ فِي النَّهْرِ فَقَالَ أَنَّى يَكُونُ هَذَا وَجْهًا لِكَوْنِ الْمَجِّ أَحْوَطَ وَلَا أَرَى هَذَا إلَّا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ بَلْ الْوَجْهُ هُوَ أَنَّ الْمَاجَّ خَارِجٌ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ اهـ.
قُلْت: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ سُقُوطِ قَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَحْوَطَ الْخُرُوجُ بَعْدَ قَوْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ مِنْ وُجُودِ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَحْوَطَ أَيْ كَوْنُ الْخُرُوجِ بِدُونِ الْمَجِّ أَحْوَطَ تَوْجِيهًا لِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ لَا لِكَلَامِ الْخُلَاصَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمَجَّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَتَصْحِيحُهُ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَلَامَ عَلَى الشَّارِحِ وَلَا غُبَارَ، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الْمِنَحِ قُلْت

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست