responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 4
الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مُقَلِّدِيهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ كَانَ لِقُوَّتِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَرِيبًا مِنْ الْعِلْمِ فَعُبِّرَ بِهِ عَنْهُ تَجَوُّزًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِيهِ ارْتِكَابَ مَجَازٍ دُونَ قَرِينَةٍ فَالْأَوْلَى مَا فِي التَّحْرِيرِ مِنْ ذِكْرِ التَّصْدِيقِ الشَّامِلِ لِلْعِلْمِ وَالظَّنِّ بَدَلَ الْعِلْمِ، وَالْأَحْكَامُ جَمْعٌ مُحَلًّى بِاللَّامِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ عَلَى الْجِنْسِ الْمُتَنَاوِلِ لِلْكُلِّ وَالْبَعْضِ الَّذِي أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الْعَضُدِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْكَامِ الْمَجْمُوعُ وَمَعْنَى الْعِلْمِ بِهَا التَّهَيُّؤُ لِذَلِكَ وَرَدَّهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ التَّهَيُّؤَ الْبَعِيدَ حَاصِلٌ لِغَيْرِ الْفِقْهِ وَالْقَرِيبُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ إذْ لَا يُعْرَفُ أَيُّ قَدْرٍ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ يُقَالُ لَهُ التَّهَيُّؤُ الْقَرِيبُ.
وَأَجَابَ عَنْهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَةٌ يُقْتَدَرُ بِهَا عَلَى إدْرَاكِ جُزْئِيَّاتِ الْأَحْكَامِ وَإِطْلَاقُ الْعِلْمِ عَلَيْهَا شَائِعٌ وَفِي التَّحْرِيرِ وَالْمُرَادُ بِالْمَلَكَةِ أَدْنَى مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْأَهْلِيَّةُ، وَهُوَ مَضْبُوطٌ اهـ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنْ الْحُكْمِ هُنَا فَاخْتَارَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ التَّصْدِيقُ وَرَدَّهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ عِلْمٌ؛ لِأَنَّهُ إدْرَاكُ أَنَّ النِّسْبَةَ وَاقِعَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْفِقْهَ عِلْمٌ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الَّتِي الْعِلْمُ بِهَا تَصْدِيقٌ وَبِغَيْرِهَا تَصَوُّرٌ اهـ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ التَّصْدِيقِ الْقَضِيَّةُ صَرَّحَ الْمَوْلَى سَعْدٌ فِي حَاشِيَةِ الْعَضُدِ بِأَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْإِدْرَاكِ يُطْلَقُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِالْحُكْمِ هُنَا خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ اقْتِضَاءً أَوْ تَخْيِيرًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ ذِكْرُ الشَّرْعِيَّةَ وَالْعَمَلِيَّةَ تَكْرَارًا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَحْكَامِ الْعِلْمُ بِالذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الشَّرْعِيَّةِ الْأَحْكَامُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْعَقْلِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ أَوْ مِنْ الْحِسِّ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النَّارَ مُحْرِقَةٌ أَوْ مِنْ الْوَضْعِ وَالِاصْطِلَاحِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْفَاعِلَ مَرْفُوعٌ كَذَا فِي التَّلْوِيحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي مِثْلِ قَوْلِنَا النَّارُ مُحْرِقَةٌ لَيْسَ عَقْلِيًّا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الْعَقْلِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِدْرَاكَ فِي الْحَوَاسِّ إنَّمَا هُوَ لِلْعَقْلِ بِوَاسِطَةِ الْحَوَاسِّ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْعَمَلِيَّةِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الِاعْتِقَادِيَّةُ كَكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً وَالْإِيمَانِ وَاجِبًا؛ وَلِذَا لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ بِخُرُوجِ مِثْلِهِ عَنْهُ اهـ.
وَجَزَمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِخُرُوجِ مَا عُلِمَ مِنْ الْأَحْكَامِ ضَرُورَةً مِنْ الدِّينِ اهـ.
أَيْ خُرُوجُهَا عَنْ الْفِقْهِ وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي حَيْثُ قَالَ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الشَّرْعِيَّةِ الْأَحْكَامُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْعَقْلِ إلَخْ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَحْكَامَ لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً بِمَعْنَى حُصُولِهَا بِلَا دَلِيلٍ، فَإِنَّ الْمُجْتَهِدِينَ قَدْ اسْتَنْبَطُوهَا وَحَصَّلُوهَا فِي أَصْلِهَا عَنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] بَلْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ ضَرُورِيَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا اُشْتُهِرَتْ حَتَّى عُدَّتْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ فَلَا يَخْرُجُ مَا عُلِمَ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ بِقَوْلِهِ عَنْ أَدِلَّتِهَا. اهـ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا تَتِمَّةٌ فَتَبَصَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَالْأُولَى مَا فِي التَّحْرِيرِ مِنْ ذِكْرِ التَّصْدِيقِ الشَّامِلِ لِلْعِلْمِ وَالظَّنِّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَنْطِقِيِّينَ إيَّاهُ مُرَادًا بِهِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُمْ قَسَّمُوا الْعِلْمَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمَّ إلَى التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ تَقْسِيمًا حَاصِرًا، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مُرَادَ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ بَلْ مُرَادُهُ بِهِ الْإِدْرَاكُ الْقَطْعِيُّ سَوَاءٌ كَانَ ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا صَوَابًا أَوْ خَطَأً فَالتَّصْدِيقُ كَمَا قَالَ شَارِحُهُ: ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ جِنْسٌ لِسَائِرِ الْإِدْرَاكَاتِ الْقَطْعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى اشْتِهَارِ اخْتِصَاصِ التَّصْدِيقِ بِالْحُكْمِ الْقَطْعِيِّ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْإِيمَانِ بِالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ.
فَهُوَ غَيْرُ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمَنَاطِقَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ صَرَّحَ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْمَظْنُونَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفِقْهِ إلَّا عَلَى الِاصْطِلَاحِ بِأَنَّهُ كُلَّهُ ظَنِّيٌّ أَوْ الِاصْطِلَاحِ بِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ قَطْعِيٌّ وَمِنْهُ مَا هُوَ ظَنِّيٌّ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ هَذَانِ وَمَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ شَارِحُهُ بَعْدَ كَلَامٍ بَقِيَ الشَّأْنُ فِي أَيِّ الِاصْطِلَاحَاتِ مِنْ هَذِهِ أَحْسَنُ أَوْ مُتَعَيِّنٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُتَعَيَّنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَقِيهِ الْمُجْتَهِدُ وَأَنَّ الثَّالِثَ أَحْسَنُ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ الْمُدْرَكِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ وَبِهِ ظَهَرَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ عَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلتَّحْرِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى نِحْرِيرٍ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَقُولُ: هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِلْعَلَّامَةِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَحَلِّيِّ وَقَدْ بَسَطَ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ مُحَشِّيهِ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِالْحُكْمِ هُنَا خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: بَلْ الْمُرَادُ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الَّتِي الْعِلْمُ بِهَا تَصْدِيقٌ وَبِغَيْرِهَا تَصَوُّرٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ عَلَى هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْعَمَلِيَّةِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الِاعْتِقَادِيَّةُ إلَخْ) .
اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ حَيْثُ قَالَ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْعَمَلِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ أَيْ الِاعْتِقَادِيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَزَادَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَلِابْنِ قَاسِمٍ هُنَا كَلَامٌ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ مُلَخَّصًا مَعَ بَعْضِ زِيَادَاتٍ تُشِيرُ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِقَادَ إدْرَاكٌ وَالْحَقُّ فِي الْإِدْرَاكِ أَنَّهُ انْفِعَالٌ أَوْ كَيْفٌ لَا فِعْلٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلًا فَلَا يَكُونُ عَمَلًا إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ أَوْ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ وَيُعَدُّ فِعْلًا عُرْفًا فَيُقَالُ صَدَقَ وَأَدْرَكَ وَعَلِمَ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالِاعْتِقَادُ مِثْلُ اعْتِقَادِ أَنَّ الْجَنَّةَ مَوْجُودَةٌ الْيَوْمَ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست