responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 373
انْتَقَلُوا إلَى تَحْرِيمَةٍ نَاقِصَةٍ لَمْ يَجُزْ كَأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ آخَرَ
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلْنَ تَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ كَالْعُرَاةِ) لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَعَلَتْ كَذَلِكَ وَحُمِلَ فِعْلُهَا الْجَمَاعَةَ عَلَى ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ زِيَادَةَ الْكَشْفِ وَأَرَادَ بِالتَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ تَقِفُ أَنَّهُ وَاجِبٌ فَلَوْ تَقَدَّمَتْ أَثِمَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ فَإِذَا تَوَسَّطَتْ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا أَرْشَدُوا إلَى التَّوَسُّطِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَرَاهِيَةً مِنْ التَّقَدُّمِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا عِنْدَنَا لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ التَّأَخُّرِ عَنْ الْمَأْمُومِ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ الْإِمَامُ مَنْ يُؤْتَمُّ بِهِ أَيْ يُقْتَدَى بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَفِي الْوَاوِ مَعَ السِّينِ الْوَسَطُ بِالتَّحْرِيكِ اسْمٌ لِعَيْنِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ الشَّيْءِ كَمَرْكَزِ الدَّائِرَةِ، وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ مُبْهَمٌ لِدَاخِلِ الدَّائِرَةِ مَثَلًا وَلِذَلِكَ كَانَ ظَرْفًا فَالْأَوَّلُ يُجْعَلُ مُبْتَدَأً وَفَاعِلًا وَمَفْعُولًا بِهِ وَدَاخِلًا عَلَيْهِ حَرْفُ الْجَرِّ وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الثَّانِي تَقُولُ وَسَطُهُ خَيْرٌ مِنْ طَرَفِهِ وَاتَّسَعَ وَسَطُهُ وَضَرَبْت وَسَطَهُ وَجَلَسْت فِي وَسَطِ الدَّارِ، وَجَلَسْت وَسْطَهَا بِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ، وَيُوصَفُ بِالْأَوَّلِ مُسْتَوِيًا فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاتَيْنِ وَسَطًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ أَعْتِقَ عَبْدَيْنِ وَسَطًا، وَقَدْ بُنِيَ مِنْهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فَقِيلَ لِلذَّكَرِ الْأَوْسَطُ وَلِلْمُؤَنَّثِ الْوُسْطَى قَالَ تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] يَعْنِي الْمُتَوَسِّطَ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ، وَقَدْ أَكْثَرُوا فِي ذَلِكَ وَهُوَ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كِسْوَتِهِمْ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى الْعَصْرُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ.
وَضَبَطُهُ هُنَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِسُكُونِ السِّينِ لَا غَيْرُ، وَفِي الصِّحَاحِ كُلُّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنٌ فَهُوَ وَسْطٌ بِالتَّسْكِينِ كَجَلَسْتُ وَسْطَ الْقَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِيهِ فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ كَجَلَسْتُ وَسَطَ الدَّارِ وَرُبَّمَا سُكِّنَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ اهـ.
وَفِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ الْوَسْطُ بِالسُّكُونِ ظَرْفُ مَكَان وَبِفَتْحِ السِّينِ اسْمٌ تَقُولُ وَسْطَ رَأْسِهِ دُهْنٌ بِسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الطَّاءِ فَهَذَا ظَرْفٌ وَإِذَا فَتَحْت السِّينَ رَفَعْت الطَّاءَ وَقُلْتُ: وَسَطُ رَأْسِهِ دُهْنٌ فَهَذَا اسْمٌ اهـ.
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالتَّشْبِيهُ بِالْعُرَاةِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ وَأَفْضَلِيَّةِ قِيَامِ الْإِمَامِ وَسَطَهُنَّ، وَأَمَّا الْعُرَاةُ فَيُصَلُّونَ قُعُودًا وَهُوَ أَفْضَلُ وَالنِّسَاءُ قَائِمَاتٍ، وَفِي الْخُلَاصَةِ يُصَلُّونَ قُعُودًا بِإِيمَاءٍ، وَإِنْ صَلَّوْا بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ بِجَمَاعَةٍ أَجْزَأَهُمْ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ وَلَا مَحْرَمٌ مِنْهُ مِثْلَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَأُخْتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَا يُكْرَهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَمَّهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ وَإِطْلَاقُ الْمَحْرَمِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ تَغْلِيبٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ هُوَ مَحْرَمًا لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ وَالِاثْنَانِ خَلْفَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى بِهِ وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مُحَاذَاةِ الْيَمِينِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ يَجْعَلُ أُصْبُعَهُ عِنْدَ عَقِبِ الْإِمَامِ وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ يَعْنِي اتِّفَاقًا، وَلَوْ وَقَفَ خَلْفَهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْكَرَاهَةُ، وَأَطْلَقَ فِي الْوَاحِدِ فَشَمِلَ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالتَّشْبِيه إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ وُقُوفَهُ وَسْطَهُمْ وَاجِبٌ كَالنِّسَاءِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ صَلَاتَهُمْ وَقِيَامَ إمَامِهِمْ بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ عَلَّلَ قَبْلَهُ كَرَاهَةَ جَمَاعَتِهِنَّ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ جَمَاعَتَهُنَّ لَا تَخْلُو عَنْ ارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ لِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ زِيَادَةَ كَشْفٍ وَفِي التَّوَسُّطِ تَرْكَ الْمَقَامِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَصَدْرُ عِبَارَتِهِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ كَالْعُرَاةِ فَإِنَّهُمْ أُمِرُوا بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَلَا يَقَعُ بَصَرُ بَعْضِهِمْ عَلَى عَوْرَةِ الْبَعْضِ لِأَنَّ السَّتْرَ يَحْصُلُ بِهِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى لِإِمَامِهِمْ إذَا أَمَّهُمْ أَنْ يَقُومَ وَسْطَهُمْ وَإِنْ تَقَدَّمَهُمْ جَازَ وَحَالُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَحَالِ النِّسَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطَيْنِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُصَلُّونَ بِالْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُمْ يَتَوَصَّلُونَ إلَى إقَامَتِهَا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ بِأَنْ يُقَدِّمُوا إمَامَهُمْ وَيَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ قُلْنَا غَضُّ الْبَصَرِ مَكْرُوهٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ كَقِيَامِ الْإِمَامِ وَسْطَ الصَّفِّ فَصَحَّ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَصَّلُونَ إلَى إقَامَتِهَا بِدُونِ ارْتِكَابِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ وَالْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ فَتَرْكُ السُّنَّةِ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِ الْمَكْرُوهِ فَعُلِمَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ بَلْ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَالْإِفْرَادُ وَالْقِيَامُ أَفْضَلُ بَلْ الْمُرَادُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ الْوُجُوبُ، وَكَذَا قَوْلُ الْمَبْسُوطَيْنِ أَوْلَى لِقَوْلِهِمَا: وَحَالُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَحَالِ النِّسَاءِ تَأَمَّلْ.
وَفِي النَّهْرِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى كَرَاهَةِ جَمَاعَةِ الْعُرَاةِ أَيْضًا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِاتِّحَادِ اللَّازِمِ وَهُوَ إمَّا تَرْكُ وَاجِبِ التَّقَدُّمِ أَوْ زِيَادَةُ الْكَشْفِ كَذَا فِي الْفَتْحِ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلُّوا وُحْدَانًا وَفِي الْخُلَاصَةِ الْأَوْلَى لِإِمَامِ الْعُرَاةِ أَنْ يَقِفَ وَسْطَهُمْ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الْفَتْحِ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمًا بِالْأُولَى وَهُوَ أَوْلَى اهـ.
أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأُولَى فِي كَلَامِ السِّرَاجِ وَالْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَبْسُوطَيْنِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْمَحْرَمِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ تَغْلِيبٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الزَّوْجَ مَحْرَمٌ مُسْتَنِدًا لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَحْرَمُ الزَّوْجُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي الْحَجِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست