responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 371
التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَقِيلَ يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا وَهُوَ حَسَنٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّكْفِيرِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفُرُ فِي لَفْظَيْنِ هُوَ جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ هُوَ جِسْمٌ، وَيَصِيرُ مُبْتَدِعًا فِي الثَّالِثِ هُوَ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِكُفْرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ عَدَمِ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ كُلِّهِمْ مَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُعْتَقَدَ نَفْسَهُ كُفْرٌ فَالْقَائِلُ بِهِ قَائِلٌ بِمَا هُوَ كُفْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ قَوْلِهِ ذَلِكَ عَنْ اسْتِفْرَاغِ وُسْعِهِ مُجْتَهِدًا فِي طَلَبِ الْحَقِّ لَكِنَّ جَزْمَهُمْ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ لَا يُصَحِّحُ هَذَا الْجَمْعَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ خَلْفَهُمْ عَدَمُ الْحِلِّ أَيْ عَدَمُ حِلِّ أَنْ يَفْعَلَ وَهُوَ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
بِخِلَافِ مُطْلَقِ اسْمِ الْجِسْمِ مَعَ التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِاخْتِيَارِهِ إطْلَاقَ مَا هُوَ مُوهِمٌ لِلنَّقْصِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ نَفَى التَّشْبِيهَ لَمْ يَبْقَى مِنْهُ إلَّا التَّسَاهُلُ وَالِاسْتِخْفَافُ بِذَلِكَ اهـ.
وَهَكَذَا اسْتَشْكَلَ هَذِهِ الْفُرُوعَ مَعَ مَا صَحَّ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُحَقِّقُ سَعْدٍ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ، وَفِيمَا أَجَابَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَنْ أَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَنَحْوَهَا بِأَنَّهُ كَافِرٌ يَرُدُّ هَذَا الْحَمْلَ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ هُوَ فِي بَابِ الْبُغَاةِ أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ الْمَنْقُولَةَ فِي الْفَتَاوَى مِنْ التَّكْفِيرِ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الْفُقَهَاءِ أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ عَدَمُ تَكْفِيرِ مَنْ كَانَ مِنْ قِبْلَتِنَا حَتَّى لَمْ يَحْكُمُوا بِتَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ وَسَبَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ عَنْ تَأْوِيلٍ وَشُبْهَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِينَ اهـ.
وَذُكِرَ فِي الْمُسَايَرَةِ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِجَهْمٍ اُخْرُجْ عَنِّي يَا كَافِرُ حَمْلًا عَلَى التَّشْبِيهِ وَهُوَ مُخْتَارُ الرَّازِيّ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِهَا لِلْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ أَنَّ عَدَمَ تَكْفِيرِهِمْ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ قَالَ فِي كِتَابِ مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْيَاءَ ضَلَّلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَتَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَصَارُوا فِرَقًا مُتَبَايَنِينَ إلَّا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجْمَعُهُمْ وَيَعُمُّهُمْ اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِيهِمْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ جَزَمَ بِحِكَايَتِهِ عَنْهُ الْحَاكِمُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فِي كِتَابِ الْمُنْتَقَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ تَكْفِيرِ أَحَدٍ مِنْ الْمُخَالِفِينَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ الْمَنْقُولَةَ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا بِصَرِيحِ التَّكْفِيرِ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ تَفْرِيعَاتِ الْمَشَايِخِ كَأَلْفَاظِ التَّكْفِيرِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُوَفِّقُ.
وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُعْتَقَدَ نَفْسَهُ كُفْرٌ إلَخْ) قَالَ الْحَلَبِيُّ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْمَنْقُولُ عَلَى مَا عَدَا غُلَاةَ الرَّوَافِضِ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ فَإِنَّ أَمْثَالَهُمْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ بَذْلُ وُسْعٍ فِي الِاجْتِهَادِ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْإِلَهُ أَوْ بِأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَلِطَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ السُّخْفِ إنَّمَا هُوَ مُبْتَدَعٌ بِمَحْضٍ الْهَوَى وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ قَالَ {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] فَلَا يَتَأَتَّى مِنْ مِثْلِ الْإِمَامَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ أَنْ لَا يَحْكُمَا بِأَنَّهُمْ مِنْ أَكْفَرِ الْكَفَرَةِ، وَإِنَّمَا كَلَامُهُمَا فِي مِثْلِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ كُفْرًا كَمُنْكِرِ الرُّؤْيَةِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا عُلِمَ فِي الْكَلَامِ وَكَمُنْكِرِ خِلَافَةِ الشَّيْخَيْنِ وَالسَّابِّ لَهُمَا فَإِنَّ فِيهِ إنْكَارَ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ إلَّا أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ حُجِّيَّةَ الْإِجْمَاعِ بِاتِّهَامِهِمْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ لَهُمْ شُبْهَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْبُطْلَانِ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ فَبِسَبَبِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ الَّتِي أَدَّى إلَيْهَا اجْتِهَادُهُمْ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِمْ مَعَ أَنَّ مُعْتَقَدَهُمْ كُفْرٌ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مِثْلِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْغُلَاةِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ كَيْفَ يَرُدُّهُ مَعَ إمْكَانِ حَمْلِ كَافِرٍ عَلَى مَعْنَى قَائِلٍ بِمَا هُوَ كُفْرٌ وَلَا يُنْكِرُ أَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ خِلَافِ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذِهِ الْمَقَالَةُ رَدَّهَا الْبَزَّازِيُّ فِي الْفَتَاوَى بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ فَرَاجِعْهُ. اهـ.
قُلْتُ: وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا سَلَفَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بِكَذَا، وَكَذَا فَذَلِكَ لِلتَّخْوِيفِ وَالتَّهْوِيلِ لَا لِحَقِيقَةِ الْكُفْرِ وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ وَحَاشَا أَنْ يَلْعَبَ أُمَنَاءُ اللَّهِ تَعَالَى أَعْنِي عُلَمَاءَ الْأَحْكَامِ بِالْحَرَامِ وَالْحَلَالِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ بَلْ لَا يَقُولُونَ إلَّا الْحَقَّ الثَّابِتَ عَنْ سَيِّدِ الْأَنَامِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ الْإِمَامِ مِنْ نَصِّ الْقُرْآنِ أَنْزَلَهُ الْمَلِكُ الْعَلَّامُ أَوْ شَرَعَهُ سَيِّدُ الرُّسُلِ الْعِظَامِ أَوْ قَالَهُ الصَّحْبُ الْكِرَامُ وَاَلَّذِي حَرَّرْته هُوَ مُخْتَارُ مَشَايِخِي الشَّافِينَ لِدَاءِ النِّغَامِ بَوَّأَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ دَارَ السَّلَامِ وَكُلَّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الدَّهْرِ وَالْأَيَّامِ مَا بَقِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ اهـ.
حَرَّرَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي أَنَّ مُرَادَ الْإِمَامِ بِمَا نُقِلَ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ مِنْ عَدَمِ التَّكْفِيرِ بِالذَّنْبِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ تَأَمَّلْ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست