responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْلَا الرِّبَاطُ سَالَ؛ لِأَنَّ الْقَمِيصَ لَوْ تَرَدَّدَ عَلَى الْجُرْحِ فَابْتَلَّ لَا يَنْجُسُ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَفِي الْمُحِيطِ مَصَّ الْقُرَادَ فَامْتَلَأَ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَنْقُضُ كَمَا لَوْ مَصَّ الذُّبَابَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا نَقَضَ كَمَصِّ الْعَلَقَةِ اهـ.
وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الدَّمَ فِي الْكَبِيرِ يَكُونُ سَائِلًا قَالُوا وَلَا يَنْقُضُ مَا ظَهَرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَمْ يَرْتَقْ كَالنَّفْطَةِ إذَا قُشِّرَتْ وَلَا مَا ارْتَقَى عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَمْ يَسِلْ كَالدَّمِ الْمُرْتَقِي مِنْ مَغْرِزِ الْإِبْرَةِ.
وَالْحَاصِلُ فِي الْخِلَالِ مِنْ الْأَسْنَانِ، وَفِي الْخُبْزِ مِنْ الْعَضِّ وَفِي الْإِصْبَعِ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْأَنْفِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي، وَلَوْ اسْتَنْثَرَ فَسَقَطَتْ مِنْ أَنْفِهِ كُتْلَةُ دَمٍ لَمْ تَنْقُضْ وُضُوءَهُ، وَإِنْ قُطِرَتْ قَطْرَةُ دَمٍ انْتَقَضَ اهـ.
وَأَمَّا مَا سَالَ بِعَصْرٍ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُعْصَرْ لَمْ يَسِلْ قَالُوا لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ، وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يَنْقُضُ، وَهُوَ حَدَثٌ عَمْدٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى الْكَافِي؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ يَظْهَرُ لِلْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَلْ لِكَوْنِهِ خَارِجًا نَجِسًا وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْإِخْرَاجِ كَمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ عَدَمِهِ، فَصَارَ كَالْفَصْدِ كَيْفَ وَجَمِيعُ الْأَدِلَّةِ الْمُورَدَةِ مِنْ السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ يُفِيدُ تَعْلِيقَ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ النَّجِسِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمُخْرَجِ اهـ.
وَضَعَّفَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَلْزِمُهُ فَكَانَ ثُبُوتُهُ غَيْرَ قَصْدِيٍّ وَلَا مُعْتَبَرٍ بِهِ اهـ.
وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُنَا وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِأَحَادِيثَ ضَعَّفَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ حَدِيثُ فَاطِمَةَ وَالْقِيَاسُ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ اسْتَحَاضَ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدْعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرْت فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ» قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَبِي ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ دُفِعَ بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى مُشَاكَلَةِ الْأَوَّلِ لَزِمَ كَوْنُهُ مِنْ قَائِلِ الْأَوَّلِ فَكَانَ حُجَّةً لَنَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِأَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ وَكُلُّ الدِّمَاءِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَبَيَانُهُ أَنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مُؤَثِّرٌ فِي زَوَالِ الطَّهَارَةِ شَرْعًا، وَقَدْ عُقِلَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَنَّ زَوَالَ الطَّهَارَةِ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ أَنَّهُ نَجَسٌ خَارِجٌ مِنْ الْبَدَنِ إذَا لَمْ يَظْهَرُ لِكَوْنِهِ مِنْ خُصُوصِ السَّبِيلَيْنِ تَأْثِيرٌ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَفِيهِ الْمَنَاطُ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَيْهِ، فَالْأَصْلُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَحُكْمُهُ زَوَالُ الطَّهَارَةِ وَعِلَّتُهُ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْبَدَنِ وَخُصُوصُ الْمَحَلِّ مُلْغًى وَالْفَرْعُ الْخَارِجُ النَّجِسُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَفِيهِ الْمَنَاطُ فَيَتَعَدَّى إلَيْهِ زَوَالُ الطَّهَارَةِ الَّتِي مُوجِبُهَا الْوُضُوءُ فَثَبَتَ أَنَّ مُوجِبَ هَذَا الْقِيَاسِ ثُبُوتُ زَوَالِ طَهَارَةِ الْوُضُوءِ، وَإِذَا صَارَ زَائِلَ الطَّهَارَةِ فَعِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ خِطَابُ الْوُضُوءِ، وَهُوَ تَطْهِيرُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ
وَإِذَا صَارَ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَخُرُوجِهَا مِنْ السَّبِيلَيْنِ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا اشْتَرَطْتُمْ فِي الْفَرْعِ السَّيَلَانَ أَوْ مِلْءَ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْأَصْلِ فَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْضَ بِالْخُرُوجِ وَحَقِيقَتُهُ مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ وَذَلِكَ بِالظُّهُورِ فِي السَّبِيلَيْنِ يَتَحَقَّقُ وَفِي غَيْرِهِمَا بِالسَّيَلَانِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ التَّطْهِيرُ؛ لِأَنَّ بِزَوَالِ الْقِشْرَةِ تَظْهَرُ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلِّهَا، فَتَكُونُ بَادِيَةً لَا خَارِجَةً وَالْفَمُ ظَاهِرٌ مِنْ وَجْهٍ بَاطِنٌ مِنْ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ ظَاهِرًا فِي مِلْءِ الْفَمِ بَاطِنًا فِيمَا دُونَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَيْءٌ مَلَأَ فَاهُ) أَيْ وَيَنْقُضُهُ قَيْءٌ مَلَأَ فَمَ الْمُتَوَضِّئِ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ لِمُخَالَفَتِهِ فِي حَدِّ الْخُرُوجِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْرِدْ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْخَارِجِ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ فِي الْعِنَايَةِ إلَخْ) أَقُولُ: لَا يَذْهَبُ عَنْك أَنَّ تَضْعِيفَ الْعِنَايَةِ لَا يُصَادِمُ قَوْلَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي حَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ قَوْلُهُ إذَا عَصَرَ الْقُرْحَةَ قَبْلَ عَدَمِ النَّقْضِ هَا هُنَا عَلَى اخْتِيَارِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْهِدَايَةِ وَذَهَبَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالسَّرَخْسِيِّ إلَى أَنَّ الْمَخْرَجَ نَاقِضٌ كَالْخَارِجِ قِيَاسًا عَلَى الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَمَصِّ الْعَلَقَةِ
وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الرِّفْقُ بِالنَّاسِ فِي الْأَوَّلِ وَتَحْقِيقُهُ عِنْدِي أَنَّ الْخُرُوجَ لَازِمُ الْإِخْرَاجِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ اللَّازِمِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَلْزُومِ فَيَحْصُلُ النَّاقِضُ حِينَئِذٍ لَا مَحَالَةَ فَافْهَمْ اهـ كَلَامُهُ.
وَأَمَّا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ فَلِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ هِيَ الْخُرُوجُ بِالطَّبْعِ وَالسَّيَلَانِ وَقَدْ انْتَفَى وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا يَخْرُجُ الدَّمُ بَعْدَ قَطْعِ الْجِلْدَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ارْتِفَاعِ الْمَانِعِ حَتَّى صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَصَّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَسِيلُ الدَّمُ بَعْدَ سُقُوطِ الْعَلَقَةِ لَا يَنْقُضُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْخُرُوجِ هِيَ الْعَصْرُ، فَإِنَّهُ يُشْبِهُ شَقَّ زِقِّ الْغَيْرِ ثُمَّ عَصْرَهُ وَالْمَصُّ يُشْبِهُ شَقَّهُ ثُمَّ تَرْكَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ.
وَإِذَا تَأَمَّلْت لَمْ يُعْجِزْك رَدُّ مَا أَتَى بِهِ فَتَأَمَّلْ قَالَهُ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: أَيْ لَمْ يُعْجِزْك رَدُّ مَا وَجَّهَ بِهِ أَخِي زَادَهْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ مَنْعَ قَوْلِهِ إنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ هِيَ الْخُرُوجُ بِالطَّبْعِ وَالسَّيَلَانِ بَلْ الْعِلَّةُ هِيَ كَوْنُهُ خَارِجًا نَجَسًا وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْإِخْرَاجِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ جَمِيعَ الْأَدِلَّةِ الْمُورَدَةِ مِنْ السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ تُفِيدُ تَعْلِيقَ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ النَّجِسِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَخْرَجِ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست