responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 337
يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا وَضَعَ مِنْ الْجَبْهَةِ مِقْدَارَ الْأَنْفِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْأَنْفَ عُضْوٌ كَامِلٌ وَهَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ الْجَبْهَةِ لَيْسَ بِعُضْوٍ كَامِلٍ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا اهـ
إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الطَّرَفُ عَلَى الْأَكْثَرِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِكَوْرِ عِمَامَتِهِ) أَيْ كُرِهَ السُّجُودُ عَلَيْهِ، وَهُوَ دَوْرُهَا يُقَالُ كَارَ الْعِمَامَةَ وَكَوَّرَهَا دَارَهَا عَلَى رَأْسِهِ وَهَذِهِ الْعِمَامَةُ عَشَرَةُ أَكْوَارٍ وَعِشْرُونَ كَوْرًا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ كَمَا ضَبَطَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ» وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ نِهَايَةِ التَّعْظِيمِ، وَمَا فِي التَّجْنِيسِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِتَرْكِ التَّعْظِيمِ رَاجِعٌ إلَيْهِ وَإِلَّا فَتَرْكُ التَّعْظِيمِ أَصْلًا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ نَبَّهَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ هُنَا تَنْبِيهًا حَسَنًا، وَهُوَ أَنَّ صِحَّةَ السُّجُودِ عَلَى الْكَوْرِ إذَا كَانَ الْكَوْرُ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الرَّأْسِ فَقَطْ وَسَجَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُصِبْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعْيِينِهَا وَلَا أَنْفُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَعْيِينِهَا فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ لِعَدَمِ السُّجُودِ عَلَى مَحَلِّهِ
وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ يَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ وَيَظُنُّ الْجَوَازَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ لِنَقْلِ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مِنْ السُّجُودِ عَلَى الْعِمَامَةِ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ فَلَمْ تَكُنْ تَحْرِيمِيَّةً، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَوَانَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَسْجُدُ، وَقَدْ اعْتَمَّ عَلَى جَبْهَتِهِ فَحَسَرَ عَنْ جَبْهَتِهِ» إرْشَادًا لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَالْأَكْمَلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ أَمَّا مَعَهُ فَلَا، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اشْتِبَاهٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْكَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَفِي السُّجُودِ عَلَى الْكَوْرِ وَاحِدَةً، وَقَدْ حَقَّقْنَا أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ فِي الْأَوَّلِ تَنْزِيهِيَّةٌ فِي الثَّانِي فَيُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ طَلَبُ الْكَفِّ عَنْ فِعْلِهَا طَلَبًا غَيْرُ جَازِمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفِعْلِ إثْمٌ أَوْ لَا، وَأَشَارَ بِالْكَوْرِ إلَى أَنَّ كُلَّ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ مُتَّصِلٌ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ يَعْنِي الصِّحَّةَ كَمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى فَاضِلِ ثَوْبِهِ أَوْ كُمِّهِ عَلَى مَكَان ظَاهِرٍ، وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ إذَا بَسَطَ كُمَّهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ إنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ كُرِهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ تَكَبُّرٌ
وَإِنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ عِمَامَتِهِ أَوْ ثِيَابِهِ لَا يُكْرَهُ لِعَدَمِهِ وَنَصَّ قَاضِي خَانْ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَةً، وَفِي الزَّادِ: وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كُمِّهِ إنْ كَانَ ثَمَّةَ تُرَابٌ أَوْ حَصَاةٌ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ وَيُكْرَهُ، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَقَصَدَ التَّرَفُّعَ فَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا وَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَرَفُّعًا وَلَمْ يَخَفْ فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا وَهِيَ تَرْجِعُ إلَى خِلَافِ الْأُولَى وَكَلِمَةُ لَا بَأْسَ فِيمَا تَرَكَهُ أَوْلَى وَيُحْمَلُ مَا فِي الزَّادِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَرَفُّعًا وَخَافَ الْأَذَى فَيَكُونُ مُبَاحًا، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ مَا تَحْتَهُ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَسَطَ كُمَّهُ عَلَى نَجَاسَةٍ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْأَوْلَى كَالسَّجَّادَةِ وَالْحَصِيرِ، وَذَكَرَ الْأَكْمَلُ فِي تَقْرِيرِهِ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْإِمَامِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ كَالْمُفْتِي تَرْكُ السَّجَّادَةِ حَتَّى لَا يَحْمِلَ الْعَوَامَّ عَلَى مَا فِيهِ حَرَجٌ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهِ فِي الْخَلْوَةِ وَمَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ، وَحَمَلَهُ الْبَزَّازِيُّ عَلَى زَمَانِهِمْ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْأَوْلَى الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لِمَا أَنَّ النَّاسَ تَهَاوَنُوا فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالْأَصْلُ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ عَلَى مَا هُوَ بِمَعْنَى الْأَرْضِ مِمَّا تَجِدُ جَبْهَتُهُ حَجْمَهُ وَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ وَتَفْسِيرُ وِجْدَانِ الْحَجْمِ أَنَّ السَّاجِدَ لَوْ بَالَغَ لَا يَتَسَفَّلُ رَأْسُهُ أَبْلَغَ مِنْ ذَلِكَ فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ وَالْحَصِيرَةِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّرِيرِ وَالْعَجَلَةِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ حَجْمَ الْأَرْضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ قَرَارَهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْحَيَوَانِ كَالْبِسَاطِ الْمَشْدُودِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ إنْ كَانَ لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِثْلُهُ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ فَإِذَا كَانَ الطَّرَفُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَالْحَمْلُ حُجَّةٌ وَالتَّوْفِيقُ مُمْكِنٌ لَا بُعْدَ فِيهِ إذْ مِثْلُهُ وَقَعَ كَثِيرًا فِي كَلَامِهِمْ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست