responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 327
فِي أَنَّ الْقَوْمَةَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ وَذُكِرَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُرْسِلُ فِي الْقَوْمَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يُعْتَمَدُ فَإِنَّ فِي هَذَا الْقِيَامِ ذِكْرًا مَسْنُونًا، وَهُوَ التَّسْمِيعُ أَوْ التَّحْمِيدُ وَعَلَى هَذَا مَشَى صَاحِبُ الْمُلْتَقَطِ. اهـ.
وَهُوَ مُسَاعِدٌ لِمَا بَحَثَهُ الْمُحَقِّقُ آنِفًا وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ مِنْ الْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ اتِّفَاقُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْمَانَنَا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ حَالٍ وَحَالٍ فَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ سُنَّةُ الْقِيَامِ مُطْلَقًا حَتَّى يَضَعَ فِي الْكُلِّ وَحُكِيَ فِي الْبَدَائِعِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِي الْوَضْعِ فِيمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ.

(قَوْلُهُ مُسْتَفْتِحًا) هُوَ حَالٌ مِنْ الْوَضْعِ أَيْ يَضَعُ قَائِلًا: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُهُ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ كُلُّ مُصَلٍّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا لَكِنْ قَالُوا الْمَسْبُوقُ لَا يَأْتِي بِهِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ لِلِاسْتِمَاعِ، وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ " سُبْحَانَ " فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ كَغُفْرَانِ، وَهُوَ لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُضَافًا مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ فِعْلِهِ وُجُوبًا فَمَعْنَى سُبْحَانَك أُسَبِّحُك تَسْبِيحًا أَيْ أُنَزِّهُك تَنْزِيهًا، وَقِيلَ أَعْتَقِدُ نَزَاهَتَك عَنْ كُلِّ صِفَةٍ لَا تَلِيقُ بِك " وَبِحَمْدِك " أَيْ نَحْمَدُك بِحَمْدِك فَهُوَ فِي الْمَعْنَى عَطْفُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَحُذِفَتْ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى وَأَبْقَى حَرْفَ الْعَطْفِ دَاخِلًا عَلَى مُتَعَلِّقِهَا مُرَادًا بِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ الْفَاعِلِ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَبْقَى لِيُشْعِرَ بِأَنَّهُ قَدْ كَانَ هُنَا جُمْلَةٌ طُوِيَ ذِكْرُهَا إيجَازًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِحَمْدِك بِلَا حَرْفِ الْعَطْفِ كَانَ جَائِزًا صَوَابًا كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَفَى بِقَوْلِهِ " سُبْحَانَك " صِفَاتِ النَّقْصِ وَأَثْبَتَ بِقَوْلِهِ " بِحَمْدِك " صِفَاتِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ إظْهَارُ الصِّفَاتِ الْكَمَالِيَّةِ، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ وَجْهُ تَقْدِيمِ التَّسْبِيحِ عَلَى التَّحْمِيدِ " وَتَبَارَكَ " لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: تَكَاثَرَ خُيُورُ أَسْمَائِك الْحُسْنَى وَزَادَتْ عَلَى خُيُورِ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الذَّاتِ السُّبُّوحِيَّةِ الْقُدُّوسِيَّةِ الْعُظْمَى، وَالْأَفْعَالُ الْجَامِعَةُ لِكُلِّ مَعْنًى أَسْنَى " وَتَعَالَى جَدُّك " أَيْ ارْتَفَعَ عَظَمَتُك أَوْ سُلْطَانُك أَوْ غِنَاك عَمَّا سِوَاك " وَلَا إلَهَ غَيْرُك " فِي الْوُجُودِ فَأَنْتَ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ فَبَدَأَ بِالتَّنْزِيهِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى التَّوْحِيدِ، ثُمَّ خَتَمَ بِالتَّوْحِيدِ تَرَقِّيًا فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِ النُّعُوتِ السَّلْبِيَّةِ وَالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ إلَى غَايَةِ الْكَمَالِ فِي الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ الِانْفِرَادُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْأَحَدِيَّةِ وَالصَّمَدِيَّةِ فَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ، وَأَشَارَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ مِنْ الْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْوَضْعُ فِي الْقِيَامِ إلَخْ وَبِهَذَا أُسْقِطَ اعْتِرَاضُ النَّهْرِ السَّابِقِ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، وَالِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَوْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ كَيْفَ يُسَوَّغُ لِلْمَشَايِخِ النِّزَاعُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالُوا الْمَسْبُوقُ لَا يَأْتِي لَهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَّا إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُدْرِكًا، جَهَرَ أَوْ لَا لِمَا فِي الصُّغْرَى أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ يُثْنِي مَا لَمْ يَبْدَأْ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَقِيلَ فِي الْمُخَافَتَةِ يُثْنِي، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ اهـ.
فَقَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ أَفَادَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ يُمْنَعُ عَنْ الثَّنَاءِ فِي صُورَةِ الْجَهْرِ فَقَطْ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُمْنَعُ عَنْ الثَّنَاءِ مَتَى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ سِرًّا، فَالْمَفْهُومُ مِنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ يُثْنِي وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الصُّغْرَى بِقِيلَ فَأَفَادَ ضَعْفَهُ، وَأَمَّا فِي قِرَاءَةِ الْجَهْرِ فَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الثَّنَاءِ بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا أَيْضًا، وَكَذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخُلَاصَةِ وَيَسْكُتُ الْمُؤْتَمُّ عَنْ الثَّنَاءِ إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ الْمُدْرِكَ وَالْمَسْبُوقَ، وَقَدْ رَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ التَّصْرِيحَ بِالْخِلَافِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يُثْنِي بَعْدَمَا نَقَلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ فِي الْمُخَافَتَةِ يُثْنِي لِأَنَّ الثَّنَاءَ سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ وَالْإِنْصَاتُ إنَّمَا يَجِبُ حَالَةَ الِاسْتِمَاعِ فَيُسَنُّ تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ فَكَانَ سُنَّةً تَبَعًا لَا مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الثَّنَاءِ فَمُرَاعَاةُ السُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ أَهَمُّ، فَإِنْ قِيلَ الْإِنْصَاتُ فَرْضٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَمِعُ حَتَّى سَقَطَتْ التِّلَاوَةُ عَنْ الْمُقْتَدِي قُلْنَا إنَّمَا سَقَطَتْ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ لَا لِلْإِنْصَاتِ وَلَيْسَ ثَنَاءُ الْإِمَامِ ثَنَاءً لِلْمُقْتَدِي فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ يَفُوتُهُ اهـ.
مُلَخَّصًا. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ فِي الْمُخَافَتَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الدُّرَرِ أَيْضًا، وَكَذَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ يَجْهَرُ لَا يَأْتِي بِهِ، وَإِنْ كَانَ يُسِرُّ يَأْتِي بِهِ اهـ. وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُنْيَةِ أَيْضًا.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست