responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 321
قُرِئَ بِالرَّفْعِ أَفَادَ سُنِّيَّةَ أَصْلِ الرَّفْعِ، وَإِنْ قُرِئَ بِالْجَرِّ أَفَادَ سُنِّيَّةَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرَّفْعِ، وَأَمَّا اسْتَفَادَتُهُمَا مِنْهُ فَلَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْهُ فَرْضٌ، وَجْهُ الظَّاهِرِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ الِانْتِقَالُ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ بِأَنْ يَسْجُدَ عَلَى وِسَادَةٍ، ثُمَّ تُنْزَعَ وَيَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ ثَانِيًا قَالَ الشَّارِحُ وَلَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الرَّفْعَ حَتَّى يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْجُلُوسِ
(قَوْلُهُ وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا» (قَوْلُهُ وَوَضَعَ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) يَعْنِي حَالَةَ السُّجُودِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَافْتِرَاشُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبُ الْيُمْنَى وَالْقَوْمَةُ وَالْجِلْسَةُ) تَقَدَّمَ أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُهُمَا، وَفِي قَوْلِهِ الْقَوْمَةُ نَوْعُ إشْكَالٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَرِيبٍ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ، وَهُوَ الْقَوْمَةُ فَيَكُونُ تَكْرَارًا كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَرَادَ بِالْقَوْمَةِ الْقَوْمَةَ مِنْ السُّجُودِ فَلَا تَكْرَارَ وَالْقَوْمَةُ خِلَافُ الْجِلْسَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا فَرْضٌ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا، وَقَدْ نَسَبَ قَوْمٌ مِنْ الْأَعْيَانِ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ فِي هَذَا إلَى الشُّذُوذِ وَمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ: أَجْمَعَ جَمِيعُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي التَّشَهُّدِ وَلَا سَلَفَ لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَلَا سُنَّةَ يَتَّبِعُهَا اهـ.
فَإِنْ تَمَّ هَذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى السُّنِّيَّةِ لَكِنْ تَعَقَّبَ غَيْرُ وَاحِدٍ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ بَعْدَ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا مُوجِبُ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] فَهُوَ افْتِرَاضُهَا فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّتُهَا وَأَحْكَامُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ) أَيْ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ إنْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ» وَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مَرْفُوعًا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِدُبُرِهَا مَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يَلِيه وَقْتُ الْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ دُبُرَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ وَمُتَّصِلٌ بِهِ، وَقَدْ يُرَادُ بِدُبُرِ الشَّيْءِ وَرَاءَهُ وَعَقِبَهُ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ أَيْضًا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْمُرَادُ بِدُبُرِهَا الْوَقْتَ الَّذِي يَلِي وَقْتَ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَكِنْ عِنْدَنَا السُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ عَقِبُ الْفَرَاغِ.

(قَوْلُهُ وَآدَابُهَا نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ) أَيْ فِي حَالِ الْقِيَامِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ فَإِلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَفِي سُجُودِهِ إلَى أَرْنَبَتِهِ، وَفِي قُعُودِهِ إلَى حِجْرِهِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُشُوعُ (قَوْلُهُ وَكَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ) أَيْ إمْسَاكُ فَمِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ سَدُّهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلِيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ غَطَّاهُ بِيَدِهِ أَوْ كُمِّهِ لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَأَبْعَدُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ وَأَمْكَنُ مِنْ نَشْرِ الْأَصَابِعِ إلَّا لِضَرُورَةِ بَرْدٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَدَفْعُ السُّعَالِ مَا اسْتَطَاعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَيَجْتَنِبُهُ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ حِينَ قِيلَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ، أَطْلَقَهُ، فَشَمِلَ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ بِقُرْبِ الْمِحْرَابِ وَإِلَّا فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَإِنْ دَخَلَ مِنْ قُدَّامٍ وَقَفُوا حِينَ يَقَعُ بَصَرُهُمْ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَالْقَوْمُ لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ إقَامَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَشُرُوعُ الْإِمَامِ مُذْ قِيلَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُرِئَ بِتَشْدِيدِ إنَّ وَتَخْفِيفِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّشْدِيدِ الْإِثْبَاتُ وَعَلَى التَّخْفِيفِ النَّفْيُ وَمَوْرِدُ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ مُخْتَلِفٌ كَمَا قُرِّرَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَلَا يُقَالُ إنْ قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ أَفَادَ مَعْنًى، وَإِنْ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ أَفَادَ مَعْنًى لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ يُفِيدُ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ بِقِرَاءَتِهِ مَا يُنَاسِبُهُ فَقَدْ صَحَّ إرَادَةُ مَعْنَيَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ مِنْ لَفْظٍ صُورَتُهُ فِي الرَّسْمِ وَاحِدَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اتَّحَدَ اللَّفْظُ وَاخْتَلَفَ التَّقْدِيرُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] يَصِحُّ التَّقْدِيرُ مِنْ: أَنْ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست