responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 314
فَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُتَكَرِّرِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ وَاجِبًا لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ، وَهُوَ مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي أَمَّا تَرْتِيبُ الْقِيَامِ عَلَى الرُّكُوعِ وَتَرْتِيبُ الرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ فَفَرْضٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُوجَدُ إلَّا بِذَلِكَ وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَشُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَعَلَّلُوا لَهُ بِأَنَّ مَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ يُرَاعَى وُجُودُهُ صُورَةً وَمَعْنًى فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شُرِعَ فَإِذَا غَيَّرَهُ فَقَدْ قَلَبَ الْفِعْلَ وَعَكَسَهُ، وَقَلْبُ الْمَشْرُوعِ بَاطِلٌ، وَلَا كَذَلِكَ مَا تَعَدَّدَتْ شَرْعِيَّتُهُ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كَافِيهِ مِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجِبُ بِأَشْيَاءَ، مِنْهَا: تَقْدِيمُ رُكْنٍ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فَلِأَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِذَا تَرَكَ التَّرْتِيبَ فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّنَاقُضِ عَلَى مَا قِيلَ
وَقَدْ وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الذَّخِيرَةِ حَتَّى اسْتَدَلَّ بِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَاجِبٌ بِدَلِيلِ وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَرْكِهِ حَتَّى قَالَ وَلَيْسَ فِيمَا تَكَرَّرَ قَيْدًا يُوجِبُ نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ فَإِنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي الْأَرْكَانِ الَّتِي لَا تُكَرَّرُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْضًا وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَقْدِيمِ رُكْنٍ وَأَوْرَدُوا لِنَظِيرِهِ الرُّكُوعَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَسَجْدَةُ السَّهْوِ لَا تَجِبُ إلَّا لِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالْقِرَاءَةِ وَاجِبٌ مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُكَرَّرَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا، وَيَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا تَكَرَّرَ: مَا تَكَرَّرَ فِي الصَّلَاةِ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ، وَهُوَ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ فَإِنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ فَرْضٌ اهـ.
وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَلَيْسَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا بِأَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ شَرْطٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلِهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ مُرَادَ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ الْإِشَارَةَ، إلَى الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافِيَّةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ فِي اللَّاحِقِ فَعِنْدَنَا التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ فَرْضٌ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا أَدْرَكَ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَنَامَ، ثُمَّ انْتَبَهَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَوَّلًا مَا نَامَ فِيهِ، ثُمَّ يُتَابِعَ الْإِمَامَ، فَلَوْ تَابَعَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ صَلَّى مَا نَامَ فِيهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَنَا وَأَثِمَ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ قَالَ فِي السِّرَاجِ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَسْبُوقُ إذَا بَدَأَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَاللَّاحِقُ إذَا تَابَعَ الْإِمَامَ قَبْلَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ لَا تَفْسُدُ خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي كِتَابِهِ الْكَافِي. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ وَاجِبًا) أَيْ رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ يُرَاعِي وُجُودَهُ صُورَةً وَمَعْنًى فِي مَحَلِّهِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ هَذَا: تَحَرُّزًا عَنْ تَفْوِيتِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءًا أَوْ كُلًّا إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءًا أَوْ كُلًّا مِنْ جِنْسِهِ لِضَرُورَةِ اتِّحَادِهِ فِي الشَّرْعِيَّةِ اهـ.
قَوْلُهُ جُزْءًا أَوْ كُلًّا: حَالَانِ مِنْ قَوْلِهِ مَا تَعَلَّقَ وَمَا تَعَلَّقَ بِالْمُتَّحِدِ كُلُّ صَلَاةٍ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةِ أَوْ جُزْؤُهَا، وَهُوَ الرَّكْعَةُ: الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَّحِدَ لَمْ يُشْرَعْ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِهِ فِي مَحَلِّهِ فَإِذَا فَاتَ فَاتَ أَصْلًا فَيَفُوتُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ جُزْءِ الصَّلَاةِ أَوْ كُلِّهَا، بِخِلَافِ الْمُتَكَرِّرِ فَإِنَّهُ لَوْ فَاتَ أَحَدُ فِعْلَيْهِ بَقِيَ الْآخَرُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَمْ يَفُتْ أَصْلًا فَلَمْ يَفُتْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، كَمَا لَوْ أَتَى بِإِحْدَى السَّجْدَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَتَرَكَ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا قَالَ يُرَاعَى وُجُودُهُ صُورَةً وَمَعْنًى لِأَنَّ أَحَدَ فِعْلَيْ الْمُتَكَرِّرِ لَوْ فَاتَ عَنْ مَحَلِّهِ، ثُمَّ أَتَى بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْتَحَقَ بِمَحَلِّ الْأَوَّلِ فَكَانَ مَوْجُودًا فِيهِ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صُورَةً، بِخِلَافِ الْمُتَّحِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، حَيْثُ فَاتَ بِفَوَاتِهِ فَلَمْ يُوجَدْ صُورَةً وَمَعْنًى. كَذَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ لِلسَّيِّدِ مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْعَلَّامَةِ السِّيرَامِيِّ
(قَوْلُهُ حَتَّى قَالَ وَلَيْسَ فِيمَا تَكَرَّرَ قَيْدٌ إلَخْ) أَيْ لَفْظُ مَا تَكَرَّرَ فِي قَوْلِ الْوِقَايَةِ وَرِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِيمَا تَكَرَّرَ لَيْسَ قَيْدًا فَإِنَّ مَا لَا يَتَكَرَّرُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَاجِبَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ) احْتِرَازٌ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَعَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَنَاقُضٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ إلَخْ) أَقُولُ: مُحَصِّلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ التَّرْتِيبَ فَرْضٌ بِاعْتِبَارِ فَسَادِ الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ وَوَاجِبٌ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ صُورَةً بَعْدَ الْإِعَادَةِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الِاعْتِبَارَيْنِ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ، وَتَصَرُّفٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّ مَعْنَى التَّرْتِيبِ وُجُودُ كُلِّ رُكْنٍ فِي مَحَلِّهِ فَحَيْثُ أُعِيدَ السُّجُودُ وُجِدَ كُلٌّ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ تَرْكُ تَرْتِيبٍ أَصْلًا صُورَةً وَلَا مَعْنًى إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ تَرْكُ التَّرْتِيبِ صُورَةً لَفَسَدَتْ الصَّلَاةُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ يُرَاعَى وُجُودُهُ فِي مَحَلِّهِ صُورَةً وَمَعْنًى، لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شُرِعَ فَإِذَا غَيَّرَهُ فَقَدْ قَلَبَ الْفِعْلَ وَعَكَسَهُ وَقَلْبُ الْمَشْرُوعِ بَاطِلٌ
وَمَا تَعَدَّدَتْ شَرْعِيَّتُهُ يُرَاعَى وُجُودُهُ فِي مَحَلِّهِ مَعْنًى فَقَطْ، وَالْكَلَامُ فِيمَا اتَحَدَّتْ شَرْعِيَّتُهُ فَيُرَاعَى وُجُودُهُ فِي مَحَلِّهِ صُورَةً وَمَعْنًى وَعَدَمُ فَسَادِ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ لِكَوْنِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَاجِبًا بَلْ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ كَانَ تَقْدِيمَ السُّجُودِ عَلَى الرُّكُوعِ، فَإِذَا أُعِيدَ إلَى مَحَلِّهِ زَالَ السَّبَبُ فَانْتَفَى الْمُسَبَّبُ فَلَمْ تَنْتَفِ الْمُعَارَضَةُ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ هُنَا الْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ الصَّادِقُ عَلَى الْوَاجِبِ الِاصْطِلَاحِيِّ لِيَرْتَفِعَ التَّنَاقُضُ وَهَذَا

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست