responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
وَهُوَ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ وَعَلَى طَهَارَةٍ وَهُوَ قَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ وَهُوَ التَّحَرِّي وَفِي الْكَافِي مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّحَرِّي فِي الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ وَيَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ وَالثَّوْبَيْنِ وَالثِّيَابِ وَإِنْ كَانَ النَّجَسُ غَالِبًا وَفِي الْإِنَاءَيْنِ لَا يَجُوزُ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ بِهِمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَصَلَّى يَنْظُرُ إنْ تَوَضَّأَ بِالْأَوَّلِ وَصَلَّى جَازَ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ مِنْ الْأَوَّلِ تَحَرٍّ مِنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ فَلَوْ تَوَضَّأَ بِالثَّانِي، ثُمَّ صَلَّى يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ وَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَمَا تَوَضَّأَ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى تَوَضَّأَ بِالثَّانِي قَالَ عَامَّتُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ أَعْضَاءَهُ صَارَتْ نَجِسَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لِمَا لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي عِنْدَنَا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِاسْتِوَاءِ الطَّاهِرِ بِالنَّجَسِ يُهْرِيقُ الْمِيَاهَ كُلَّهَا وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي أَوْ يَخْلِطُ الْمِيَاهَ كُلَّهَا حَتَّى تَصِيرَ الْمِيَاهُ كُلُّهَا نَجِسَةً، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ احْتِرَازًا عَنْ إضَاعَةِ الْمَاءِ وَلَوْ لَمْ يُهْرِقْهَا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ قَالُوا هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَجُوزُ تَيَمُّمُهُ إلَّا بَعْدَ الْإِرَاقَةِ وَقَالَ ابْنُ زِيَادَةَ يَخْلِطُهَا، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثٌ أَوْ أَنَّ أَحَدَهَا نَجِسٌ وَوَقَعَ تَحَرِّي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى إنَاءٍ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ فُرَادَى وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُؤْرَ حِمَارٍ وَالْآخَرُ طَاهِرًا يَتَوَضَّأُ بِهِمَا وَلَا يَتَيَمَّمُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ اسْتَدَارَ) أَيْ إنْ عَلِمَ بِالْخَطَأِ؛ لِأَنَّ تَبَدُّلَ الِاجْتِهَادِ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ النَّسْخِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانُوا يُصَلُّونَ بِمَسْجِدِ قُبَاءَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأُخْبِرُوا بِتَحَوُّلِ الْقِبْلَةِ فَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ السُّنَّةَ إذْ لَا نَصَّ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي الْقُرْآنِ فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْكِتَابِ وَعَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّسْخِ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمُكَلَّفَ وَعَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعَمَلَ، كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَفِي كَوْنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثَبَتَ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ بِالسُّنَّةِ فَقَطْ بَحْثٌ بَلْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ تَعَالَى {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مَسَائِلُ حُسْنِ التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ عَلَى عِشْرِينَ وَجْهًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ شَكَّ وَتَحَرَّى أَوْ شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَشُكَّ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ أَخْطَأَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ قَبْلَ الْفَرَاغِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَذَهَبَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَهُ كَانَ ضَعِيفًا، وَقَدْ قَوِيَ حَالُهُ بِظُهُورِ الصَّوَابِ وَلَا يَبْنِي الْقَوِيَّ عَلَى الضَّعِيفِ وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ جَائِزَةً مَا لَمْ يَظْهَرْ الْخَطَأُ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ لَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ أَصَابَ بِيَقِينٍ أَوْ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ حَتَّى غَابَ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْجَوَازُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَرْفَعُهُ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا شَكَّ وَتَحَرَّى فَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ الصِّحَّةُ فِي الْوُجُوهِ الْخَمْسِ
وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ فَهِيَ فَاسِدَةٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ بِيَقِينٍ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ أَصَابَهَا قَالَ قَاضِي خان اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَهُوَ فَاسِدُ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الشَّكِّ فَإِذَا لَمْ يَشُكَّ لَمْ يَتَحَرَّ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ صَلَّى بِالتَّحَرِّي وَخَلْفَهُ نَائِمٌ وَمَسْبُوقٌ فَبَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ تَحَوَّلَ رَأْيُهُمَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَالْمَسْبُوقُ يَتَحَوَّلُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ تَحَرِّيه إلَيْهَا وَاللَّاحِقُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قُيِّدَ بِتَحْوِيلِ الرَّأْيِ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى فِي الثَّوْبَيْنِ فَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا بِالتَّحَرِّي، ثُمَّ تَحَوَّلَ تَحَرِّيهِ إلَى ثَوْبٍ آخَرَ فَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي الثَّوْبِ الْأَوَّلِ جَازَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلْمُعَلَّلِ وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ بَيَّنَتْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قِبْلَتِهِمْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بِهَذِهِ الْآيَةِ بَلْ كَانَ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ، نَعَمْ فِيهَا دَلَالَةٌ بَعْدَ الْبَيَانِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ قَبْلَهَا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ مَشْرُوعِيَّتِهِ بَلْ فِي مُوجِبِهِ وَهِيَ لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَقُولُ: وَفِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ إذَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ يَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الْكِتَابِ لَا إلَى السُّنَّةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ نَعَمْ يَرُدُّ عَلَى الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا وَهُوَ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّلْوِيحِ فَيَكُونُ مِنْ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ (قَوْلُهُ: التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ عَلَى عِشْرِينَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ إمْكَانِ الْوُجُودِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّابِعُ فَهُوَ إلَخْ) أَيْ فَلَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست