responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ اهـ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ أَثَرٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ حَسَنٌ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَهُ بِحَضْرَةِ حَاضِرِي الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَمُسْتَحَبُّهُ التَّيَامُنُ) أَيْ مُسْتَحَبُّ الْوُضُوءِ الْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الشَّيْءُ الْمَحْبُوبُ ضِدُّ الْمَكْرُوهِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَالْمَنْدُوبُ مَا فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَتَرَكَهُ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا رَغَّبَ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَمَا جَعَلَهُ تَعْرِيفًا لِلْمُسْتَحَبِّ جَعَلَهُ فِي الْمُحِيطِ تَعْرِيفًا لِلْمَنْدُوبِ، فَالْأَوْلَى مَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَبِّ وَالْمَنْدُوبِ، وَأَنَّ مَا وَاظَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ مَعَ تَرْكٍ مَا بِلَا عُذْرٍ سُنَّةٌ وَمَا لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ وَمُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدَ مَا رَغَّبَ فِيهِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ وَحُكْمُهُ الثَّوَابُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَدَمُ اللَّوْمِ عَلَى التَّرْكِ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّيَامُنُ مُسْتَحَبًّا لِمَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي طَهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ» والمحبوبية لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُوَاظَبَةَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُسْتَحَبَّاتِ مَحْبُوبَةٌ لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى كُلِّهَا وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَبَّةً بَلْ مَسْنُونَةً لَكِنْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» وَغَيْرُ وَاحِدٍ مَنْ حَكَى وُضُوءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَرَّحُوا بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَذَلِكَ يُفِيدُ الْمُوَاظَبَةَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَحْكُونَ وُضُوءَهُ الَّذِي هُوَ عَادَتُهُ فَيَكُونُ سُنَّةً وَبِمِثْلِهِ تَثْبُتُ سُنِّيَّةُ الِاسْتِيعَابِ؛ لِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ حَكَوْا الْمَسْحَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنَّ الْمُوَاظَبَةَ لَا تُفِيدُ السُّنِّيَّةَ إلَّا إذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْعِبَادَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ فَتُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ وَالنَّدْبَ لَا السُّنِّيَّةَ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَمُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّيَامُنِ كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي فَلَا تُفِيدُ السُّنِّيَّةَ كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَكَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْيُمْنَى فَضِيلَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ تَبَعًا لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِ احْتِرَازًا عَنْ الْمَمْسُوحِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى فِيهِ كَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ؛ لِأَنَّ مَسْحَهُمَا مَعًا أَسْهَلُ كَالْحَدَّيْنِ، وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عُضْوَانِ لَا يُتَسَحَّبُ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا إلَّا الْأُذُنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ أَقْطَعَ لَا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ بِالْيُمْنَى وَبِالْحَدِّ الْأَيْمَنِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

(قَوْلُهُ: وَمَسَحَ رَقَبَتَهُ) يَعْنِي بِظَهْرِ الْيَدَيْنِ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِ بِلَّتِهِمَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ بِدْعَةٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ أَدَبٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَمَّا مَسْحُ الْحُلْقُومِ فَبِدْعَةٌ وَاسْتَدَلَّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الرَّقَبَةِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَسَحَ ظَاهِرَ رَقَبَتِهِ مَعَ مَسْحِ الرَّأْسِ» فَانْدَفَعَ بِهِ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَصْرَ مُسْتَحَبِّهِ فِيمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ لَهُ مُسْتَحَبَّاتٍ كَثِيرَةً وَعَبَّرَ عَنْهَا بَعْضُهُمْ بِمَنْدُوبَاتِهِ، وَقَدَّمْنَا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَاَلَّذِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْمَنْدُوبَاتِ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ تَرْكُ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ وَكَلَامِ النَّاسِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ لَا بَأْسَ بِصَبِّ الْخَادِمِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَالتَّمَسُّحُ بِخِرْقَةٍ يَمْسَحُ بِهَا مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ وَنَزْعُ خَاتَمٍ عَلَيْهِ اسْمُهُ تَعَالَى أَوْ اسْمُ نَبِيِّهِ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ وَكَوْنُ آنِيَتِهِ مِنْ خَزَفٍ وَأَنْ يَغْسِلَ عُرْوَةَ الْإِبْرِيقِ ثَلَاثًا وَوَضْعُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَاءً يَغْتَرِفُ مِنْهُ فَعَنْ يَمِينِهِ
وَوَضْعُ يَدِهِ حَالَةَ الْغَسْلِ عَلَى عُرْوَتِهِ لَا رَأْسِهِ وَالتَّأْهِيلُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَتَعَاهُدِ مُوقَيْهِ وَمَا تَحْتَ الْخَاتَمِ وَالذِّكْرُ الْمَحْفُوظُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ وَأَنْ لَا يَلْطِمَ وَجْهَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى كُلِّهَا) يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظَةِ كُلِّهَا كَمَا وَقَعَ فِي النَّهْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْفَتْحِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى بَعْضِهَا فَيَكُونُ مَسْنُونًا لَا مُسْتَحَبًّا تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَمُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّيَامُنِ كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي) أَيْ الْعَادَةِ قَالَ فِي النَّهْرِ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ يُنَافِيهَا وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.
أَيْ عَدَمُ اخْتِصَاصِ التَّيَامُنِ بِالْوُضُوءِ يُنَافِي كَوْنَهُ مِنْ سُنَنِهِ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ لَهُ كَمَا يُنْدَبُ لِغَيْرِهِ كَالتَّنَعُّلِ وَالتَّرَجُّلِ قُلْت يَرِدُ عَلَيْهِ عَدَمُ اخْتِصَاصِ السِّوَاكِ وَالنِّيَّةِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاظَبَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْأُذُنَيْنِ) أَيْ وَالْخَدَّيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَالْمَاءُ نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَفِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْخَادِمِ وَالْمَاءُ مَفْعُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّمَسُّحُ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْإِسْرَافِ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ، وَأَنْ لَا يَمْسَحَ أَعْضَاءَهُ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي مَسَحَ بِهَا مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَنَزْعُ خَاتَمٍ) ذُكِرَ فِي الْفَتْحِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا اسْتِقَاءُ مَائِهِ بِنَفْسِهِ وَالْمُبَادَرَةُ إلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الشَّارِحِ الَّتِي نُقِلَ عَنْهَا مَا بَيْنَ لَفْظَتَيْ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ الْمَحْفُوظُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ) ، وَهُوَ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست