responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 281
فِيهِ وَمُفْضٍ إلَيْهِ بِلَا تَأْثِيرٍ فَالْأَوَّلُ الْعِلَّةُ وَالثَّانِي السَّبَبُ وَإِلَّا، فَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوُجُودُ فَالشَّرْطُ وَإِلَّا فَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ فَالْعَلَامَةُ وَالشَّرْطُ حَقِيقِيٌّ وَجَعْلِيٌّ فَالْأَوَّلُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الْوَاقِعِ وَالثَّانِي شَرْعِيٌّ أَيْ بِجَعْلِ الشَّرْعِ فَيَتَوَقَّفُ شَرْعًا كَالشُّهُودِ لِلنِّكَاحِ وَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِ شَرْعِيٍّ أَيْ بِجَعْلِ الْمُكَلَّفِ بِتَعْلِيقِ تَصَرُّفِهِ عَلَيْهِ مَعَ إجَازَةِ الشَّرْعِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكَذَا وَذَكَرَ الشُّمُنِّيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّرُوطِ هُنَا مَا لَا يَكُونُ الْمُكَلَّفُ بِحُصُولِهَا شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ احْتِرَازًا عَنْ التَّحْرِيمَةِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ عِنْدَنَا وَلَا تُذْكَرُ فِي هَذَا الْبَابِ. اهـ.
وَأَطْلَقَ الشُّرُوطَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالتَّقَدُّمِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لَا مُخَصَّصَةٌ إذْ الشَّرْطُ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَقَدِّمًا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (قَوْلُهُ: هِيَ طَهَارَةُ بَدَنِهِ مِنْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ) ، أَمَّا طَهَارَةُ بَدَنِهِ مِنْ الْحَدَثِ فَبِآيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمِنْ الْخَبَثِ فَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» وَلِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ «اغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَالْحَدَثُ مَانِعِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْأَعْضَاءِ إلَى غَايَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُزِيلِ وَالْخَبَثُ عَيْنٌ مُسْتَقْذَرَةٌ شَرْعًا وَقَدَّمَ الْحَدَثَ لِقُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ مَانِعٌ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَبَثِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْبَوْلِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ تُنَجِّسُ وَالْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَا يَنْجُسُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيمٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ. اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَنْجَاسِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَأَمَّا طَهَارَةُ ثَوْبِهِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فَإِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ ثِيَابُك الْمَلْبُوسَةُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ طَهِّرْهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْآيَةِ غَيْرُ هَذَا لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلِعُمُومِ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَإِذَا وَجَبَ التَّطْهِيرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الثَّوْبِ وَجَبَ فِي الْمَكَانِ وَالْبَدَنِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا أَلْزَمُ لِلْمُصَلِّي مِنْهُ لِتَصَوُّرِ انْفِصَالِهِ بِخِلَافِهِمَا وَأَرَادَ بِالْخَبَثِ الْقَدْرَ الْمَانِعَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ وَأَشَارَ بِاشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ نَجَاسَةً مَانِعَةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ فَكَذَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي طَرَفِ عِمَامَتِهِ أَوْ مِنْدِيلِهِ الْمَقْصُودُ ثَوْبٌ هُوَ لَابِسُهُ فَأَلْقَى ذَلِكَ الطَّرَفَ عَلَى الْأَرْضِ وَصَلَّى فَإِنَّهُ إنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِلَّا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ يُنْسَبُ لِحَمْلِ النَّجَاسَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الصَّبِيُّ إذَا كَانَ ثَوْبُهُ نَجِسًا أَوْ هُوَ نَجِسٌ فَجَلَسَ عَلَى حِجْرِ الْمُصَلِّي وَهُوَ يَسْتَمْسِكُ أَوْ الْحَمَامُ النَّجِسُ إذَا وَقَعَ عَلَى رَأْسِ الْمُصَلِّي وَهُوَ يُصَلِّي كَذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ إذَا حَمَلَهُ الْمُصَلِّي لِأَنَّ الَّذِي عَلَى الْمُصَلِّي مُسْتَعْمِلٌ لَهُ فَلَمْ يَصِرْ الْمُصَلِّي حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ. اهـ.
وَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى وَرَأْسُهُ يَصِلُ إلَى السَّقْفِ النَّجِسِ أَوْ فِي كِلَّةٍ مُتَنَجِّسَةٍ أَوْ فِي خَيْمَةٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِكَوْنِهِ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إذَا صَلَّى فِي الْخَيْمَةِ وَرَفَعَ سَقْفَهَا لِتَمَامِ قِيَامِهِ جَازَ إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ عَلَى عُنُقِ الْكَلْبِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَبْلَ لَمَّا سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ الِاتِّصَالِ بِهِ فَصَارَ كَالْعِمَامَةِ الطَّوِيلَةِ. اهـ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَبْلُ مَشْدُودًا فِي وَسَطِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَرْبُوطًا فِي سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ إلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا الْبَيَانُ الْوَاقِعُ وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ كَالْحَيَاةِ لِلْأَلَمِ وَالْجَعْلِيِّ كَدُخُولِ الدَّارِ لِلطَّلَاقِ وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يَتَقَدَّمُهَا كَالْقَعْدَةِ شَرْطُ الْخُرُوجِ وَتَرْتِيبُ مَا لَمْ يُشْرَعْ مُكَرَّرًا شَرْطُ الْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الشَّرْطَ عَقْلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مُتَقَدِّمٌ فَلَا يُخْرِجُ قَيْدَ التَّقَدُّمِ الْعَقْلِيِّ وَالْجَعْلِيِّ لِلْقَطْعِ بِتَقَدُّمِ الْحَيَاةِ وَدُخُولِ الدَّارِ عَلَى الْأَلَمِ مَثَلًا وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يُقَالُ بَلْ الْجَعْلِيُّ سَبَبٌ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ إذْ الشَّرْطُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا فِي الْعَكْسِ فَالشَّرْطُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ لَهُ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ شَرْطٌ لُغَةً؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ بَلْ السَّبَبُ هُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ فَصَدَقَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ لَا مُؤَثِّرَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا تَقْيِيدٌ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقُ الشَّرْطِ وَلَيْسَ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ جَعْلِيٌّ وَيَبْعُدُ الِاحْتِرَازُ عَنْ شَرْطِهَا الْعَقْلِيِّ مِنْ الْحَيَاةِ وَنَحْوِهَا إذْ الْكِتَابُ مَوْضُوعٌ لِبَيَانِ الْعَمَلِيَّاتِ فَلَا يَخْطُرُ غَيْرُهَا وَشَرْطُ الْخُرُوجِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَالْبَقَاءُ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الصَّلَاةِ بِنَوْعٍ مِنْ التَّجَوُّزِ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ.
(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْحَدَثُ لِقُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ مَانِعٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا قَلِيلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِقَلِيلِهِ اللُّمْعَةُ تَسَاهُلًا وَمَا أَوْرَدَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ طَهَارَةِ الْمُسْتَعْمِلِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَغْلَظِيَّةِ الْأَغْلَظِيَّةُ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الصَّلَاةِ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ ثَوْبٌ هُوَ لَابِسُهُ) أَقْحَمَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ لِبَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ خُصُوصُ الْمِنْدِيلِ بَلْ أَعَمُّ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست