responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 273
إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ لَيْسَتْ بِأَذَانٍ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ فَضِيلَةٌ وَإِنْ تَرَكَهَا لَا يَأْثَمُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مِنْ لَمْ يُجِبْ الْأَذَانَ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» فَمَعْنَاهُ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ لَا بِاللِّسَانِ فَقَطْ، وَفِي الْمُحِيطِ يَجِبُ عَلَى السَّامِعِ لِلْأَذَانِ الْإِجَابَةُ وَيَقُولُ مَكَانَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَمَكَانَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ ذَلِكَ يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَسْبِيحٍ وَلَا تَهْلِيلٍ وَكَذَا إذَا قَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرَرْت وَلَا يَقْرَأُ السَّامِعُ وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ سِوَى الْإِجَابَةِ وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ يَقْرَأُ يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ وَيُجِيبُ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ لَا بِاللِّسَانِ حَتَّى لَوْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَمْشِ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يَكُونُ مُجِيبًا وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ سَمِعَ الْأَذَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَسَمِعَ الْأَذَانَ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّهُ أَجَابَهُ بِالْحُضُورِ وَلَوْ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ وَيُجِيبُ لَعَلَّهُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِجَابَةَ بِاللِّسَانِ وَاجِبَةٌ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» إذْ لَا تَظْهَرُ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ عَنْهُ بَلْ رُبَّمَا يَظْهَرُ اسْتِنْكَارُ تَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عَدَمَ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ وَالتَّشَاغُلَ عَنْهُ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ لَا يُجِيبُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ عِنْدَهُمَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ إجَابَةَ الْإِقَامَةِ مُسْتَحَبَّةٌ وَفِي غَيْرِهِ أَنَّهُ يَقُولُ إذَا سَمِعَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَفِي التَّفَارِيقِ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ وَسُئِلَ ظَهِيرُ الدِّينِ عَمَّنْ سَمِعَ فِي وَقْتٍ مِنْ جِهَاتٍ مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ إجَابَةُ أَذَانِ مَسْجِدِهِ بِالْفِعْلِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إذْ مَقْصُودُ السَّائِلِ أَيُّ مُؤَذِّنٍ يُجِيبُ بِاللِّسَانِ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا وَاَلَّذِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ]
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ بِاللِّسَانِ اتِّفَاقًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ وَأَنْ تَجِبَ بِالْقَدَمِ اتِّفَاقًا فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَمِنْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ وَبِاللِّسَانِ أَيْضًا عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ السَّعْيُ لَا إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَهُوَ يَقْرَأُ قَطَعَ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْإِجَابَةِ لَا عَلَى الثَّانِي، وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ وَالتُّحْفَةِ بِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يَشْتَغِلُ بِمَا سِوَى الْإِجَابَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْأَذَانِ فَمَا فِي التَّجْنِيسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إجْمَاعًا اسْتِدْلَالًا بِاخْتِلَافِهِمْ فِي كَرَاهَتِهِ عِنْدَ أَذَانِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا كَرِهَهُ لِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ الْخُطْبَةِ فَكَانَ هَذَا اتِّفَاقًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ مَمْنُوعٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْحَلْوَانِيِّ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي الْمَسْجِدِ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِ الذَّهَابِ دُونَ الصَّلَاةِ وَمَا فِي شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى سَمِعَ الْأَذَانَ وَانْتَظَرَ الْإِقَامَةَ فِي بَيْتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ سَأَلْت شَيْخَنَا الْأَخَ عَنْ هَذَا فَلَمْ يُبْدِ جَوَابًا. اهـ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ السَّلَفِ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا كَمَا هُوَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَإِذَا فَرَغَ فَمَنْ تَخَلَّفَ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ فَيَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا عِنْدَ وَقْتِهَا وَذَلِكَ بِالْأَذَانِ كَمَا فِي السَّعْيِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَجِبُ بِالْأَذَانِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ لَا لِذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ تَكْرَارَ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَفِي الْكَافِي وَلَا تُكَرَّرُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لَنَا أَنَّا أُمِرْنَا بِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ وَفِي تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ تَقْلِيلُهَا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا عَرَفُوا أَنَّهُمْ تَفُوتُهُمْ الْجَمَاعَةُ يَتَعَجَّلُونَ لِلْحُضُورِ فَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ، وَفِي الْمِفْتَاحِ إذَا دَخَلَ الْقَوْمُ مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ كُرِهَ جَمَاعَةٌ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَلَكِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وِحْدَانًا بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ فَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرَجَعَ بَعْدَمَا صَلَّى فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتَهُ وَجَمَعَ أَهْلَهُ فَصَلَّى بِهِمْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، فَلَوْ كَانَ يَجُوزُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَمَا تَرَكَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ. اهـ.
فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ السَّعْيِ بِالْقَدَمِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ يَلْزَمُهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ تَفْوِيتُ الْجَمَاعَةِ أَوْ إعَادَتُهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ قُلْتُ: مُقْتَضَى مَا قُلْتُهُ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ قَوْلَ الْحَلْوَانِيِّ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَغَيْرُهُ قُلْتُ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ فَقَدْ أَتَى بِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ هُنَاكَ وَسَنَذْكُرُ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، فَإِنْ قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ أَحَدَ الْمَحْذُورَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتهمَا قُلْت: لَا بَلْ يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ يَجْمَعُ بِأَهْلِهِ أَحْيَانًا هَلْ يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ قَالَ لَا وَيَكُونُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهًا بِلَا عُذْرٍ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. فَقَدْ اتَّضَحَ الْحَالُ وَطَاحَ الْإِشْكَالُ. (قَوْلُهُ: فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاثَلَةِ هَهُنَا الْمُشَابَهَةُ فِي مُجَرَّدِ الْقَوْلِ لَا فِي صِفَتِهِ كَرَفْعِ الصَّوْتِ. اهـ. سَيِّدُ زَادَهْ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست