responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 270
فِيهِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّرْجِيعُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنُ وَلَا التَّطْرِيبُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْجِيعَ هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ بَلْ هُوَ التَّغَنِّي وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى ابْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ: بِلَالٌ وَأَبُو مَحْذُورَةَ وَعَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِذَا غَابَ بِلَالٌ أَذَّنَ أَبُو مَحْذُورَةَ وَإِذَا غَابَ أَبُو مَحْذُورَةَ أَذَّنَ عَمْرٌو» قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو مَحْذُورَةَ اسْمُهُ سَمُرَةُ بْنُ مُعِيرٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَحْنٌ) أَيْ لَيْسَ فِيهِ لَحْنٌ أَيْ تَلْحِينٌ وَهُوَ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ التَّطْرِيبُ وَالتَّرَنُّمُ يُقَالُ لَحَّنَ فِي قِرَاءَتِهِ تَلْحِينًا طَرَّبَ فِيهَا وَتَرَنَّمَ، وَأَمَّا اللَّحْنُ فَهُوَ الْفِطْنَةُ وَالْفَهْمُ لِمَا لَا يَفْطِنُ لَهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ» وَفِي الصِّحَاحِ اللَّحْنُ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَالتَّلْحِينُ التَّخْطِئَةُ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَلِهَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ بِالتَّغَنِّي بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ كَلِمَاتِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِيهِ وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَنٍّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى لَكِنْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ مَطْلُوبٌ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا وَقَيَّدَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِمَا هُوَ ذِكْرٌ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْمَدِّ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّلْحِينَ هُوَ إخْرَاجُ الْحَرْفِ عَمَّا يَجُوزُ لَهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ نَقْصٍ مِنْ الْحُرُوفِ أَوْ مِنْ كَيْفِيَّاتِهَا وَهِيَ الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ أَوْ زِيَادَةُ شَيْءٍ فِيهَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُ الْمُؤَذِّنِ إذَا لَحَّنَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي الْقِرَاءَةِ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى قِرَاءَةً وَسَمَاعًا وَقَيَّدَهُ بِالتَّلْحِينِ؛ لِأَنَّ التَّفْخِيمَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ اللُّغَتَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ تَغْلِيظُ اللَّامِ فِي اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْعَرَبِ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي خِلَافًا فِيهِ بَيْنَ الْقُرَّاءِ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِكَرَاهَةِ الْخَطَأِ فِي إعْرَابِ كَلِمَاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحِ أَذَانَ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) «لِحَدِيثِ بِلَالٍ حَيْثُ ذَكَرَهَا حِينَ وُجِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمًا فَلَمَّا انْتَبَهَ أَخْبَرَهُ بِهِ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك» وَهُوَ لِلنَّدْبِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا، وَإِنَّمَا خُصَّ الْفَجْرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَخُصَّ بِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ دُونَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ قَبْلَهَا مَكْرُوهٌ أَوْ نَادِرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّوْمُ مُشَارِكًا لِلصَّلَاةِ فِي أَصْلِ الْخَيْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِبَادَةً كَمَا إذَا كَانَ وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ أَوْ لِأَنَّ النَّوْمَ رَاحَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالصَّلَاةُ رَاحَةٌ فِي الْآخِرَةِ فَتَكُونُ الرَّاحَةُ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلَ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ فَلَاحٍ أَذَانَ الْفَجْرِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ مَحِلَّهَا بَعْدَ الْأَذَانِ بِتَمَامِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ هَكَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى.

(قَوْلُهُ: وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْأَذَانِ فِي كَوْنِهِ سُنَّةَ الْفَرَائِضِ فَقَطْ وَفِي عَدَدِ كَلِمَاتِهِ وَفِي تَرْتِيبِهَا لِحَدِيثِ الْمَلَكِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ أَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى وَلِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً» ، وَإِنَّمَا قَالَ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً لِأَجْلِ التَّرْجِيعِ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ عِنْدَنَا خَمْسَ عَشَرَةَ كَلِمَةً وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَجْمُوعِهِ الْفَرِيقَانِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ لَا يَقُولُونَ بِتَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ وَالْحَنَفِيَّةَ لَا يَقُولُونَ بِالتَّرْجِيعِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى إيتَارِ صَوْتِهَا بِأَنْ يَحْدُرَ فِيهَا كَمَا هُوَ الْمُتَوَارَثُ لِيُوَافِقَ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ النَّصِّ الْغَيْرِ الْمُحْتَمَلِ لَا إيتَارُ أَلْفَاظِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ لَا يَقُولُونَ بِإِيتَارِ التَّكْبِيرِ بَلْ هُوَ مَثْنَى فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ تَوَاتَرَتْ الْآثَارُ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ حَتَّى مَاتَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَذَّنَ رَجُلٌ وَأَقَامَ آخَرُ بِإِذْنِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ يُكْرَهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَجَوَابُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ مَا فِي الْمَجْمَعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا نَكْرَهُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَرْضَ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ
وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَحِلُّ فِيهِ فَفِي الْقُرْآنِ أَوْلَى. اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ قُلْتُ: وَفِي الْمَنْبَعِ قَالَ: فَإِنْ قُلْتُ: ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ لَكِنْ لَوْ رَجَّعَ هَلْ يَكُونُ الْأَذَانُ مَكْرُوهًا قُلْتُ: مَا رَأَيْت إطْلَاقَ الْكَرَاهَةِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ فِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَسْأَلَةِ كَرَاهَةِ التَّلْحِينِ فَقَالَ وَلِهَذَا يُكْرَهُ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ) مُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ التَّطْرِيبُ وَالتَّرَنُّمُ وَبِالثَّالِثِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ. (قَوْلُهُ: فَلَمَّا انْتَبَهَ أَخْبَرَهُ بِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُخْبِرَ بِلَالٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي فِي الْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست