responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
عَصْرَ يَوْمِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَدَاؤُهُ وَقْتَ التَّغَيُّرِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ إنَّمَا هُوَ تَأْخِيرُهُ لَا أَدَاؤُهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا وَجَبَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ آخِرُ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يُؤَدَّ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَالْجُزْءُ الْمُتَّصِلُ بِالْأَدَاءِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْوَقْتِ وَعَلَّلَ الْمُصَنِّفُ فِي كَافِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إثْبَاتُ الْكَرَاهَةِ لِلشَّيْءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَقِيلَ الْأَدَاءُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا. اهـ.
وَعَلَى هَذَا مَشَى فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ الثَّابِتِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَقُيِّدَ بِعَصْرِ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ عَصْرَ أَمْسِهِ لَا يَجُوزُ وَقْتَ التَّغَيُّرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الصَّحِيحَةَ أَكْثَرُ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ كَامِلًا تَرْجِيحًا لِلْأَكْثَرِ الصَّحِيحِ عَلَى الْأَقَلِّ الْفَاسِدِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ فِي الْجُزْءِ النَّاقِصِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فِي نَاقِصٍ غَيْرِهِ مَعَ تَعَذُّرِ الْإِضَافَةِ فِي حَقِّهِ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَأُجِيبَ بِأَنْ لَا رِوَايَةَ فِيهَا فَتَلْتَزِمُ الصِّحَّةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّقْصَ لَازِمُ الْأَدَاءِ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَأَمَّا الْجُزْءُ فَلَا نَقْصَ فِيهِ، غَيْرَ أَنْ تَحْمِلَ ذَلِكَ النَّقْصَ لَوْ أَدَّى فِيهِ الْعَصْرَ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَدَاءِ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ لَمْ يُوجَدْ النَّقْصُ الضَّرُورِيُّ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَامِلٌ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ كَذَلِكَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِالْكَامِلِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي مِنْ أَنَّ السَّبَبَ لَمَّا كَانَ نَاقِصًا فِي الْأَصْلِ كَانَ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ نَاقِصًا أَيْضًا فَعِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ لَا يَتَّصِفُ بِالْكَمَالِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا نَقَصَ فِي الْوَقْتِ أَصْلًا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فَجْرَ يَوْمِهِ يَبْطُلُ بِالطُّلُوعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّبَبَ فِي الْعَصْرِ آخِرُ الْوَقْتِ وَهُوَ وَقْتُ التَّغَيُّرِ وَهُوَ نَاقِصٌ فَإِذَا أَدَّاهَا فِيهِ أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ وَوَقْتُ الْفَجْرِ كُلُّهُ كَامِلٌ فَوَجَبَتْ كَامِلَةً فَتَبْطُلُ بِطُرُوِّ الطُّلُوعِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ فَسَادٍ لِعَدَمِ الْمُلَاءَمَةِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ قِيلَ رَوَى الْجَمَاعَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» أُجِيبَ بِأَنَّ التَّعَارُضَ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فِي الْفَجْرِ رَجَعْنَا إلَى الْقِيَاسِ كَمَا هُوَ حُكْمُ التَّعَارُضِ فَرَجَّحْنَا حُكْمَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَحُكْمَ النَّهْيِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَرْجِيحَ الْمُحَرِّمِ عَلَى الْمُبِيحِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْقِيَاسِ
أَمَّا عِنْدَهُ فَالتَّرْجِيحُ لَهُ، وَفِي الْقُنْيَةِ كَسَالَى الْعَوَامّ إذَا صَلَّوْا الْفَجْرَ وَقْتَ الطُّلُوعِ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ مُنِعُوا يَتْرُكُونَهَا أَصْلًا ظَاهِرًا وَلَوْ صَلَّوْهَا تَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْأَدَاءُ الْجَائِزُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ التَّرْكِ أَصْلًا وَفِي الْبُغْيَةِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. اهـ.
وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنُ الصَّلَاةِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ مَا كَانَ رُكْنًا لَهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِوَاءِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِوَقْتِ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لَا تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَا عَنْ قَضَاءِ فَائِتَةٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ) أَيْ مُنِعَ عَنْ التَّنَفُّلِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ قَصْدًا لَا عَنْ غَيْرِهِ لِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَهُوَ بِعُمُومِهِ مُتَنَاوِلٌ لِلْفَرَائِضِ فَأَخْرَجُوهَا مِنْهُ بِالْمَعْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ) أَقُولُ: عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي كَافِيهِ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عَلِمْت أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ حَتَّى غَرُبَتْ أَنَّهَا تُفْسِدُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ فَاتَتْ إلَّا أَنَّهَا تَقَرَّرَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَامِلَةً فَلَا تُؤَدَّى بِالنَّاقِصِ. اهـ.
أَقُولُ: هَذَا الْبَحْثُ مَشْهُورٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ وَذَكَرَ جَوَابَهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْجَوَابِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الْوَقْتَ مُتَّسَعًا وَجَعَلَ لَهُ شَغْلَ كُلِّ الْوَقْتِ فَالْفَسَادُ الَّذِي يَعْتَرِضُ حَالَةَ الْبَقَاءِ جُعِلَ عُذْرًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ مُتَعَذِّرٌ. اهـ.
وَقَالَ أَيْضًا لَكِنْ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ هَذَا يُشْكِلُ بِالْفَجْرِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ الْعَصْرَ يَخْرُجُ إلَى مَا هُوَ وَقْتٌ لِصَلَاةٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْفَجْرِ أَوْ بِأَنَّ فِي الطُّلُوعِ دُخُولًا فِي الْكَرَاهَةِ وَفِي الْغُرُوبِ خُرُوجًا عَنْهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أُجِيبَ إلَخْ) وَفِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرُوِيَ أَيْضًا «وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ» عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا مُتَأَخِّرٌ؛ لِأَنَّهُ أَبَدًا يَطْرَأُ عَلَى الْأَصْلِ الثَّابِتِ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلَتْ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَاحِقٌ بَلْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّهَا كُلَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالنُّصُوصِ النَّاهِيَةِ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ بَعْضِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِنَا طَرَأَ نَاقِصٌ عَلَى كَامِلٍ فِي الْفَجْرِ بِخِلَافِ عَصْرِ يَوْمِهِ مَعَ أَنَّ النَّقْصَ قَارَنَ الْعَصْرَ ابْتِدَاءً وَالْفَجْرَ بَقَاءً فَيَبْطُلُ فِي الْعَصْرِ كَالْفَجْرِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست