responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 208
بَعْضُهُمْ الْإِزَارُ الْمَعْرُوفُ وَيَسْتَمْتِعُ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِمَا تَحْتَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الِاسْتِتَارُ فَإِذَا اسْتَتَرَتْ حَلَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ لَا يَحْرُمُ مَا سِوَى الْفَرْجِ وَاخْتَارَهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَصْبَغُ وَمِنْ الشَّافِعِيَّةِ النَّوَوِيُّ لِمَا أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ «أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبُيُوتِ؛ فَسَأَلَتْ الصَّحَابَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَفِي رِوَايَةٍ «إلَّا الْجِمَاعَ» .
وَلِلْجَمَاعَةِ مَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِذَنْ فَالتَّرْجِيحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ وَذَلِكَ مُبِيحٌ وَلِخَبَرِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» ، وَأَمَّا تَرْجِيحُ السُّرُوجِيِّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ دَلِيلَهُ مَنْطُوقٌ وَدَلِيلُنَا مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ أَقْوَى فَكَانَ مُقَدَّمًا فَغَيْرُ صَحِيحٍ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلُنَا مَفْهُومًا بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْطُوقًا فَإِنَّ السَّائِلَ سَأَلَ عَنْ جَمِيعِ مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ فَقَوْلُهُ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ مَعْنَاهُ جَمِيعُ مَا يَحِلُّ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ لِيُطَابِقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَوْ سَلِمَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ كَانَ هَذَا الْمَفْهُومُ أَقْوَى مِنْ الْمَنْطُوقِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمَفْهُومِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ لِوُجُوبِ مُطَابَقَةِ جَوَابِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِسُؤَالِ السَّائِلِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَفْهُومُ غَيْرَ مُرَادٍ لَمْ يُطَابِقْ فَكَانَ ثُبُوتُهُ وَاجِبًا مِنْ اللَّفْظِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ تَخْصِيصًا وَلَا تَبْدِيلًا لِهَذَا الْعَارِضِ وَالْمَنْطُوقُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْطُوقٌ يَقْبَلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ التَّرْجِيحُ فِي خُصُوصِ الْمَادَّةِ بالمنطوقية وَلَا الْمَرْجُوحِيَّةِ بِالْمَفْهُومِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ «فَكَانَ لَا يُبَاشِرُ إحْدَاهُنَّ وَهِيَ حَائِضٌ حَتَّى يَأْمُرَهَا أَنْ تَأْتَزِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَنْ الْجِمَاعِ عَيْنًا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ نُثْبِتَ حُرْمَةً أُخْرَى فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِالسُّنَّةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهَا تُقَيِّدُ مُطْلَقَ النَّصِّ فَتَكُونُ مُعَارِضَةً لَهُ فِي بَعْضِ مُتَنَاوِلَاتِهِ وَمَا أَثْبَتَتْهُ السُّنَّةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ شَرْعٌ مَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَمَّا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْجِمَاعِ مِنْ أَفْرَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِتَنَاوُلِهِ حُرْمَةَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَعْنِي مِنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، ثُمَّ يَظْهَرُ تَخْصِيصُ بَعْضِهَا بِالْحَدِيثِ الْمُفِيدِ لِحِلِّ مَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَبْقَى مَا بَيْنَهُمَا دَاخِلًا فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ فِي ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ لِمَا بَيَّنَّا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعَ بَعْضِ اخْتِصَارٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْهُ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ صَرِيحًا حُكْمُ مُبَاشَرَتِهَا لَهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ تَمْكِينُهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا حَرُمَ فِعْلُهَا بِالْأَوْلَى وَلِقَائِلٍ أَنْ يُجَوِّزَهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا حَائِضًا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي حَقِّهِ فَحَلَّ لَهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ وَلِأَنَّ غَايَةَ مَسِّهَا لِذَكَرِهِ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِكَفِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا.
(تَنْبِيهَاتٌ)
وَقَعَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ لَفْظُ الِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ يَشْمَلُ النَّظَرَ وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ لَفْظُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْقُرْبَانِ وَمُقْتَضَاهَا تَحْرِيمُ اللَّمْسِ بِلَا شَهْوَةٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّحْرِيمَ مَنُوطٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَلَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يُجَوِّزَهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ مُقْتَضَى النَّظَرِ أَنْ يُقَالَ بِحُرْمَةِ مُبَاشَرَتِهَا لَهُ حَيْثُ كَانَتْ بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا لَا بِمَا إذَا كَانَتْ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا إذَا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهِ. اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُفَاعَلَةٌ وَهِيَ تَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَكَمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَيْهَا فَقَوْلُ الْبَحْرِ وَهُوَ مَفْقُودٌ مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُجْدِي؛ لِأَنَّا لَمْ نُرَاعِ ذَلِكَ بَلْ مَا دَامَتْ مُتَّصِفَةً بِالْحَيْضِ تَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ. اهـ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ حَسَنٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ صَاحِبِ الْبَحْرِ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُهُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي لِلْقَوْلِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّظَرَ إلَى هَذَا الْخَاصِّ بِشَهْوَةٍ اسْتِمْتَاعٌ بِمَا لَا يَحِلُّ، بِخِلَافِ التَّقْبِيلِ فِي الْوَجْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْوَجْهِ اهـ.
لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ اسْتِمْتَاعٌ بِمَا لَا يَحِلُّ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِمَوْضِعٍ لَا تَحِلُّ مُبَاشَرَتُهُ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمُبَاشَرَةِ حُرْمَةُ النَّظَرِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِمَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ فَهُوَ عَيْنُ الْمُدَّعَى فَكَانَ مُصَادَرَةً هَذَا وَالدَّلِيلُ مُشْرِقٌ عَلَى مُدَّعِي الْبَحْرِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا نَهَى عَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ أَنْ يَتَلَاقَى الْفَرْجَانِ بِلَا حَائِلٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لِلْفَرْجِ حَرِيمٌ وَهُوَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مُنِعَ أَيْضًا خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِيمَا عَسَاهُ يَقَعُ فِيهِ بِاقْتِرَابِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ أَوْ يُقَالُ: إنَّ الشَّارِعَ حَكِيمٌ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ لَا تَخْلُو عَنْ لَوْثِ نَجَاسَةٍ فَنَهَى عَنْ الْقُرْبِ خَشْيَةَ التَّلَوُّثِ فَبَقِيَ النَّظَرُ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ فَتَحْرِيمُهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ النَّظَرَ مِنْ الْحَوْمِ حَوْلَ الْحِمَى وَلِهَذَا حَرُمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست