responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
الصَّلَاةِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فِي حَقِّ الْمَسْحِ مُقِيمٌ فِي حَقِّ إتْمَامِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي إيضَاحِ الصَّيْرَفِيِّ. اهـ.
وَقَدْ عَلِمْت فِيمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الصَّحِيحَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَمَسْأَلَةُ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورَةِ مَذْكُورَةٌ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ بَابِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ نَزَعَ، وَإِلَّا يُتِمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً) ؛ لِأَنَّ رُخْصَةَ السَّفَرِ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ وَالشَّافِعِيُّ يُوَافِقُنَا فِي هَذِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ عَلَى الْجُرْمُوقِ) أَيْ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ شَرَعَ فِي الْجُرْمُوقِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِمَا فَنَقُولُ ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ ثُمَّ الْخُفُّ الَّذِي يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ صَالِحًا لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْيِ الْمُتَتَابِعِ عَادَةً وَيَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَمَا تَحْتَهُمَا وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي يَكُونُ مِنْ اللِّبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَعَّلًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى يَكُونَ الْأَدِيمُ عَلَى أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَظَاهِرُ الْقَدَمَيْنِ اهـ.
فَلَوْ اتَّخَذَ خُفًّا مِنْ زُجَاجٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ بِغَيْرِ عَصَا، وَأَمَّا الْجُرْمُوقُ فَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَا يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ وَسَاقُهُ أَقْصَرُ مِنْ الْخُفِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ فَلَوْ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ لَصَارَ بَدَلًا عَنْ الْخُفِّ وَالْخُفُّ لَا بَدَلَ لَهُ وَلَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْمُوقَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ وَابْنِ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْخُفِّ اسْتِعْمَالًا مِنْ حَيْثُ الْمَشْيُ وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَغَرَضًا، فَإِنَّ الْخُفَّ وِقَايَةٌ لِلرِّجْلِ فَكَذَا الْجُرْمُوقُ وِقَايَةٌ لِلْخُفِّ تَبَعًا لَهُ وَكِلَاهُمَا تَبَعٌ لِلرِّجْلِ فَصَارَ كَخُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ، وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ لَا عَنْ الْخُفِّ لَا يُقَالُ كَيْفَ بَطَلَ الْمَسْحُ بِنَزْعِ الْجُرْمُوقِ وَلَمْ يَبْطُلْ بِنَزْعِ أَحَدِ طَاقَيْ الْخُفِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِالْمَسْحِ ظَهَرَتْ أَصَالَةُ الْجُرْمُوقِ فَصَارَ نَزْعُهُ كَنَزْعِ الْخُفِّ بِخِلَافِ نَزْعِ أَحَدِ طَاقَيْ فِي الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْخُفِّ لَمْ يَأْخُذْ الْأَصَالَةَ أَصْلًا كَمَا إذَا غَسَلَ رِجْلَهُ ثُمَّ أَزَالَ جِلْدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُهَا ثَانِيًا وَلَا يُقَالُ أَيْضًا لَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بِنَزْعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُفُّ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْمَسْحِ حَالَ قِيَامِ الْجُرْمُوقِ فَإِذَا زَالَ صَارَ مَحَلًّا لِلْمَسْحِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْجُرْمُوقَ هُوَ الْخُفُّ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ كَالْجَوْهَرِيِّ وَالْمُطَرِّزِيِّ، فَإِنَّهُمَا قَالَا إنَّ الْجُرْمُوقَ وَالْمُوقَ يُلْبَسَانِ فَوْقَ الْخُفِّ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا غَيْرُ الْخُفِّ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ مَمْنُوعٌ وَمُنَاقِضٌ لِمَذْهَبِهِمْ فِي الْخُفِّ مِنْ الزُّجَاجِ أَوْ الْحَدِيدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ]
(قَوْلُهُ: مَا يَكُونُ صَالِحًا لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْيِ الْمُتَتَابِعِ عَادَةً) أَقُولُ: لِيُنْظَرَ مَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ هَلْ الْمُعْتَبَرُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بِالْخُفِّ نَفْسِهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِذَلِكَ بِدُونِ لُبْسِهِ فِي الْمُكَعَّبِ أَوْ مَا هُوَ الْمُعْتَادُ لَنَا مِنْ لُبْسِهِ فِي الْمُكَعَّبِ تَوَقَّفْنَا مِنْ قَدِيمٍ فِي ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ نَقْلًا مَعَ التَّفْتِيشِ وَالتَّنْقِيرِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي تَعَالِيلِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَصْلُحُ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِيهِ نَفْسُهُ فَعَلَى هَذَا فَالْوَاجِبُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَفَقَّدَ خُفَّهُ، فَإِنَّهُ قَدْ يَرِقُّ أَسْفَلُهُ وَيَمْشِي عَلَيْهِ بِالْمُكَعَّبِ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَا يُنْقَبُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ لَوْ مَشَى بِهِ وَحْدَهُ يَتَخَرَّقُ فِي دُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَمْسَحُونَ حَتَّى يَتَخَرَّقَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ هَذَا قَدْ لَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَعَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخَرْقِ وَبَعْدَهُ لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِلَا طَهَارَةٍ فَلْيُحْفَظْ.
(قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ وَتَمَامُ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ فَوْقَ الْخُفِّ عِنْدَنَا، فَإِنْ لَبِسَهُمَا وَحْدَهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَجُوزُ اهـ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَبِسَهُمَا أَيْ الْخُفَّيْنِ الْمُتَّخَذَيْنِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ فِي عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ اهـ.
أَقُولُ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَقْطٌ أَوْ إيجَازُ مَحَلٍّ، فَإِنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْيَةِ مُعَلِّلًا بِإِمْكَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ بِهَا قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ حَتَّى قَالُوا لَوْ شَاهَدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَلَابَتَهَا لَأَفْتَى بِالْجَوَازِ لِشِدَّةِ دَلْكِهَا وَتَدَاخُلِ أَجْزَائِهَا بِذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ كَالْجِلْدِ الْغَلِيظِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ اهـ.
فَقَوْلُ الْخُلَاصَةِ عَلَى الصَّحِيحِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافِ الْإِمَامِ فِي اشْتِرَاطِ النَّعْلِ وَقَوْلُ الْحَلَبِيِّ وَأَجْمَعُوا إلَخْ بِنَاءً عَلَى رُجُوعِهِ إلَى قَوْلِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَدِيمُ عَلَى أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَظَاهِرِ الْقَدَمِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ، فَإِنْ لَبِسَهُمَا أَيْ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا كَمَا قَالَ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى يَكُونَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهَا لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ إلَخْ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي السِّرَاجِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُفِّ حَدَثٌ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست