responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 184
الْخَرْقَ وَاحِدٌ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْكَثْرَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ثُمَّ كَوْنُ الْخَرْقِ الْكَبِيرِ مَانِعًا دُونَ الْقَلِيلِ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُمْنَعَ الْقَلِيلُ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ، وَإِنْ قَلَّ ظَهَرَ غَسْلُهُ لِحُلُولِ الْحَدَثِ بِهِ وَالرِّجْلُ فِي حَقِّ الْغَسْلِ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ فَوَجَبَ غَسْلُهَا كُلُّهَا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْخِفَافَ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ الْخَرْقِ عَادَةً وَالشَّرْعُ عَلَّقَ الْمَسْحَ بِمُسَمَّى الْخُفِّ، وَهُوَ السَّاتِرُ الْمَخْصُوصُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الْمَسَافَةَ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيهِ وَالِاسْمُ مُطْلَقًا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا لِلْخَرْقِ عَدَمًا بِخِلَافِ الْخُفِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْكَثِيرِ، فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِيهِ
وَإِنْ تَرَكَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِاسْمِ الْخُفِّ تَقْيِيدَهُ بِمَخْرُوقٍ فَهُوَ مُرَادٌ لِلْمُطْلَقِ مَعْنًى فَلَيْسَ بِخُفٍّ مُطْلَقٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الْمَسَافَةُ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ وَالْخُفُّ مُطْلَقًا مَا تُقْطَعُ بِهِ فَلَيْسَ بِهِ وَأَيْضًا الْحَرَجُ لَازِمٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِ إذْ غَالِبُ الْخِفَافِ لَا تَخْلُو عَنْهُ عَادَةً وَالْحَرَجُ مُنْتَفٍ شَرْعًا بَقِيَ الْأَمْرُ مُحْتَاجًا إلَى الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ أَصْغَرُهَا) أَيْ الْخَرْقُ الْكَبِيرُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ إذَا انْكَشَفَ مَنَعَ مِنْ قَطْعِ الْمَسَافَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْأَصَابِعِ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهَا مِنْ الْيَدِ ثُمَّ فِي اعْتِبَارِهَا مَضْمُومَةً أَوْ مُنْفَرِجَةً اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَهُ فِي الْأَجْنَاسِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ أَصْغَرُهَا وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ كَغَيْرِهِ وَاعْتُبِرَ الْأَصْغَرُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ عَلَى هَذَا أَصَابِعُ الرِّجْلِ فِي الْخَرْقِ وَأَصَابِعُ الْيَدِ فِي الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ الْخَرْقَ يَمْنَعُ قَطْعَ السَّفَرِ وَتَتَابُعَ الْمَشْيِ وَأَنَّهُ فِعْلُ الرِّجْلِ فَأَمَّا فِعْلُ الْمَسْحِ، فَإِنَّهُ يَتَأَدَّى بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَحَلُّهُ وَإِضَافَةُ الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ دُونَ الْمَحَلِّ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا عُدُولَ عَنْ الْأَصْلِ بِلَا مُوجِبٍ وَلَا مُوجِبَ هُنَا وَفِي مَقْطُوعِ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ الْخَرْقُ بِأَصَابِعِ غَيْرِهِ وَقِيلَ بِأَصَابِعِ نَفْسِهِ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِنْ الْأَصَابِعِ مَا يَكُونُ طَوِيلًا وَيَكُونُ قَصِيرًا فَلَا يُعْتَبَرُ بِأَصَابِعِ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكِبَرُ الْقَدَمِ دَلِيلٌ عَلَى كِبَرِهَا وَصِغَرُهُ دَلِيلٌ عَلَى صِغَرِهَا فَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. اهـ.
وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ إذَا انْكَشَفَ مَوْضِعٌ غَيْرَ مَوْضِعِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا إذَا انْكَشَفَ الْأَصَابِعُ نَفْسُهَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْكَشِفَ الثَّلَاثُ أَيَّتُهَا كَانَتْ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ بِغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ جَارَتِهَا لَا يَجُوزُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَحَكَى الْقُدُورِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ أَنَّهُ جَعَلَ الْإِبْهَامَ كَأُصْبُعَيْنِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالْخَرْقُ الْمَانِعُ هُوَ الْمُنْفَرِجُ الَّذِي يُرَى مَا تَحْتَهُ مِنْ الرِّجْلِ أَوْ يَكُونُ مُنْضَمًّا لَكِنْ يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ أَوْ يَظْهَرُ الْقَدَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْوَضْعِ بِأَنْ كَانَ الْخَرْقُ عَرْضًا، وَإِنْ كَانَ طُولًا يَدْخُلُ فِيهِ ثَلَاثُ أَصَابِعَ وَأَكْثَرُ لَكِنْ لَا يُرَى شَيْئًا مِنْ الْقَدَمِ وَلَا يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ لِصَلَابَتِهِ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ وَلَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَخْرُوزَةٍ بِالْخُفِّ لَا يَمْنَعُ وَالْخَرْقُ أَعْلَى الْكَعْبِ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِلُبْسِهِ وَالْخَرْقُ فِي الْكَعْبِ وَمَا تَحْتَهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ الْخَرْقُ تَحْتَ الْقَدَمِ
فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ الْقَدَمِ مَنَعَهُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْغَايَةِ بِلَفْظِ قِيلَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَوَاضِعَ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ بِأَكْثَرِهَا فَكَذَا الْقَدَمُ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ لَزِمَ أَنْ لَا يَعْتَبِرَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَصْغَرُهَا إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَ أَصْغَرِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ حِينَئِذٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) قَالَ فِي النَّهْرِ تَقْدِيمُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرُهُ لِلْأَوَّلِ يُفِيدُ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ وَيُرَادُ بِالْغَيْرِ مَنْ لَهُ أَصَابِعُ تُنَاسِبُ قَدَمَهُ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ إلَّا مُطْلَقَهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَوْجُودِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى يَكُونَ الْمُعَوَّلُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلِقَائِلٍ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ اُعْتُبِرَتْ عُضْوًا عَلَى حِدَةٍ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الدِّيَةِ بِقَطْعِهِمَا، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ تَبَعًا لِلْقَدَمِ لَكِنْ لِاعْتِبَارِهَا عَلَى حِدَةٍ اعْتَبَرُوا فِيهَا الثَّلَاثَ وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْعَقِبِ عَلَى الْأَصْلِ وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا هَذَا الْمَعْنَى اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ خُرُوجُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوهَا عُضْوًا عَلَى حِدَةٍ وَاعْتَبَرُوا خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ؛ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ فِي الْأَصْلِ تَابِعَةٌ لَهُ فَاعْتَبَرُوا أَكْثَرَهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْقَدَمِ فَيُعْتَبَرُ بِالْأَصَابِعِ إذْ لَيْسَتْ تَابِعَةً لَهُ كَمَا فِي الْقَدَمِ فَانْدَفَعَ اللُّزُومُ أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا الْمَنْعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ذُكِرَ أَوَّلًا أَنَّ الْخَرْقَ فِي الْعَقِبِ يَمْنَعُ بِظُهُورِ أَكْثَرِهِ وَأَنَّ اعْتِبَارَ أَصْغَرِ الْأَصَابِعِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ثُمَّ نَقَلَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَ الْقَدَمِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُ فَإِذَا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ الْعَقِبِ وَأَكْثَرُ الْقَدَمِ لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ غَيْرَ جِهَةِ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَصْغَرُ الْأَصَابِعِ فَلَزِمَ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ إلَّا إذَا كَانَ الْخَرْقُ عِنْدَهَا

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست