responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 169
وَكَانَ قَادِرًا وَمِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ بِالْقِيَاسِ نَاسِيًا النَّصَّ وَمِنْهَا لَوْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ فِي الْكَفَّارَةِ فَصَامَ وَمِنْهَا لَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ نَاسِيًا وَمِنْهَا لَوْ فَعَلَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ نَاسِيًا وَمِنْهَا لَوْ فَعَلَ مَحْظُورَ الْإِحْرَامِ نَاسِيًا وَمِنْهَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ تُعْرَفُ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَيَطْلُبُهُ غَلْوَةً إنْ ظَنَّ قُرْبَهُ، وَإِلَّا لَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ طَلَبُ الْمَاءِ قَدْرَ غَلْوَةٍ إنْ ظَنَّ قُرْبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ قُرْبَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَحَدُّ الْقُرْبِ مَا دُونَ الْمِيلِ قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّ الْمِيلَ وَمَا فَوْقَهُ بَعِيدٌ لَا يُوجِبُ الطَّلَبَ وَقَيَّدْنَا بِالْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ فِي الْعُمْرَانَاتِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ كَانَ بِقُرْبٍ مِنْهَا وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الطَّلَبِ فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَدْرَ غَلْوَةٍ، وَهِيَ مِقْدَارُ رَمْيَةِ سَهْمٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ أَوْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُغْرِبِ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَاخْتَارَ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّهُ يَطْلُبُ مِقْدَارَ مَا يَسْمَعُ صَوْتَ أَصْحَابِهِ وَيُسْمَعُ صَوْتُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْمُسَافِرِ لَا يَجِدُ الْمَاءَ أَيَطْلُبُ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ إنْ طَمِعَ فِيهِ فَلْيَفْعَلْ وَلَا يَبْعُدْ فَيَضُرَّ بِأَصْحَابِهِ إنْ انْتَظَرُوهُ وَبِنَفْسِهِ إنْ انْقَطَعَ عَنْهُمْ وَيُوَافِقُهُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ فَقَالَ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَطْلُبُ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ وَرُفْقَتِهِ بِالِانْتِظَارِ، فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْغَلْوَةِ فَالطَّلَبُ أَنْ يَنْظُرَ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَأَمَامَهُ وَوَرَاءَ غَلْوَةً كَذَا فِي الْحَقَائِقِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ بَلْ يَكْفِيهِ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ حَوَالَيْهِ لَا يَسْتَتِرُ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ وَنَحْوُهُ صَعِدَهُ وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ الَّذِي مَعَهُ أَوْ الْمُخَلَّفِ فِي رَحْلِهِ
فَإِنْ خَافَ لَمْ يَلْزَمْهُ الصُّعُودُ وَالْمَشْيُ كَذَا فِي التَّوْشِيحِ وَلَوْ بَعَثَ مَنْ يَطْلُبُ لَهُ كَفَاهُ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَكَانَ الطَّلَبُ وَاجِبًا وَصَلَّى ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْمُسْتَصْفَى وَفِي إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَقِيبَ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَطِيفَةٌ، فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّلَبِ وَعَدَمِهِ اهـ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ الطَّلَبُ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] ؛ لِأَنَّ الْوُجُودَ يَقْتَضِي سَابِقَةَ الطَّلَبِ، وَهِيَ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] وَلَا طَلَبَ وقَوْله تَعَالَى {وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى} [الضحى: 7] وَقَوْلُهُ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] وَقَوْلُهُ {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الكهف: 49] وَلَمْ يَطْلُبُوا خَطَايَاهُمْ وقَوْله تَعَالَى {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] وَقَوْلُهُ {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُعَرِّفْهَا» وَلَا طَلَبَ مِنْ الْوَاجِدِ وَلِقَوْلِهِ مَنْ وَجَدَ زَادًا وَرَاحِلَةً وَيُقَالُ فُلَانٌ وَجَدَ مَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَوَجَدَ مَرَضًا فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْوُجُودَ يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ شَرْطَ الْجَوَازِ عَدَمَ الْوُجُودِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَمَنْ زَادَ شَرْطَ الطَّلَبِ فَقَدْ زَادَ عَلَى النَّصِّ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْعُمْرَانَاتِ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ، وَإِنْ ثَبَتَ حَقِيقَةً لَمْ يَثْبُتْ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَاءِ فِي الْعُمْرَانَاتِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْعِمَارَةِ بِالْمَاءِ فَكَانَ الْعَدَمُ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ
وَشَرْطُ الْجَوَازِ الْعَدَمُ الْمُطْلَقُ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَانَاتِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ قُرْبُهُ؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَعْمَلُ عَمَلَ الْيَقِينِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعَمَلِ، وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ فِي حَقِّ الِاعْتِقَادِ كَمَا فِي التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ وَكَمَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ طَلَبُ الْمَاءِ) يَعْنِي يُفْتَرَضُ كَمَا فِي الشرنبلالية مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ قَاضِي خَانْ يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: مَعْنَى مَا فِي الْحَقَائِقِ أَنَّهُ يَقْسِمُ الْمَشْيَ مِقْدَارَ الْغَلْوَةِ عَلَى هَذِهِ الْجِهَاتِ فَيَمْشِي عَلَى أَنَّهَا أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِائَةُ ذِرَاعٍ إذْ الطَّلَبُ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ، وَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لَوْ بَعَثَ مَنْ يَطْلُبُ لَهُ كَفَاهُ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ إذْ عَلَى مَا فَهِمَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَعْثِ أَصْلًا اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا نَقَلَهُ هُنَا عَنْ الْحَقَائِقِ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الشَّافِي عِنْدَ قَوْلِ النَّسَفِيِّ وَلَا لِفَرْضَيْنِ وَقَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا بِغَيْرِ طَلَبٍ وَفَوْتِ مَا نَصُّهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَجُوزُ لِعَادِمِ الْمَاءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ عِنْدَ تَوَهُّمِ وُجُودِ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ وَلَا يَصِحُّ الطَّلَبُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالطَّلَبُ أَنْ يَنْظُرَ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَأَمَامَهُ وَوَرَاءَهُ غَلْوَةً وَعِنْدَنَا لَا يَجِبُ الطَّلَبُ وَعِنْدَ تَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَاءِ حَوَالَيْهِ يَتَيَمَّمُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ إجْمَاعًا اهـ كَلَامُهُ.
وَكَانَ الْمُؤَلِّفُ حَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّفْسِيرَ لِلطَّلَبِ لَيْسَ خَاصًّا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذَا وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ فَيُطِلُّ يَمِينًا وَيَسَارًا قَدْرَ غَلْوَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَهِيَ ثَلَثُمِائَةِ خُطْوَةٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَقِيلَ قَدْرُ رَمْيَةِ سَهْمٍ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الطَّلَبَ غَلْوَةً مِنْ جَانِبَيْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِقْدَارَ مِيلٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلُزُومِ الضَّرَرِ اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ سُؤَالِ أَبِي يُوسُفَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَجَوَابُهُ لَهُ وَكَذَا نَقْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ يَجِبُ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست