responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 158
دَفْنِ الْمَيِّتِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ أَوْ السَّلَامِ أَوْ رَدِّهِ أَوْ الْإِسْلَامِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ وَالْإِسْلَامُ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً مَقْصُودَةً لَكِنْ يَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ هَكَذَا أَطْلَقُوا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْمَنْعَ
وَفِي الْمُحِيطِ أُطْلِقَ الْجَوَازُ وَسَوَّى بَيْنَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إذَا تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ فِيهَا، فَإِنْ تَيَمَّمَ لَهَا، وَهُوَ جُنُبٌ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَلَمْ يُفَصِّلَا فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَبَعٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الشَّرْطُ كَوْنُ الْمَنْوِيِّ عِبَادَةً مَقْصُودَةً أَوْ جُزْأَهَا، وَهُوَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ فَالْقِرَاءَةُ جُزْءٌ مِنْ الْعِبَادَةِ الْمَقْصُودَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ جُنُبًا وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَخِيرُ، وَهُوَ عَدَمُ حِلِّ الْفِعْلِ إلَّا بِالطَّهَارَةِ فَكَمُلَ الشَّرْطُ فَجَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا عَدِمَ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ وَلَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ وَخَرَجَ التَّيَمُّمُ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا أَمَّا إنْ كَانَ لِلْحَدَثِ فَظَاهِرٌ لِفَوَاتِ الشَّرْطَيْنِ، وَأَمَّا لِلْجَنَابَةِ فَهُوَ، وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَخِيرُ، وَهُوَ عَدَمُ الْحِلِّ إلَّا أَنَّهُ عَدَمُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَوْنُهُ عِبَادَةً مَقْصُودَةً أَوْ جُزْأَهَا وَخَرَجَ التَّيَمُّمُ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِهَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ عِبَادَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِبَادَةُ هِيَ الِاعْتِكَافُ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ تَبَعٌ لَهُ فَكَانَتْ عِبَادَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ الشُّكْرِ لَا يُصَلِّي بِهِ الْمَكْتُوبَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُصَلِّيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قُرْبَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ كَذَا فِي التَّوْشِيحِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ قُلْت ذَكَرْت أَنَّ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ لِرَدِّ السَّلَامِ لَا تُصَحِّحُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مَعَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَيَمَّمَ لِرَدِّ السَّلَامِ» عَلَى مَا أَسْلَفْته فِي الْأَوَّلِ، فَالْجَوَابُ إنَّ قَصْدَ رَدِّ السَّلَامِ بِالتَّيَمُّمِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ نَوَى عِنْدَ فِعْلِ التَّيَمُّمِ التَّيَمُّمَ لَهُ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ نَوَى مَا يَصِحُّ مَعَهُ التَّيَمُّمُ ثُمَّ يَرُدُّ السَّلَامَ إذَا صَارَ طَاهِرًا اهـ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ عَدَمَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلسَّلَامِ كَمَا زَعَمَهُ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلسَّلَامِ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ
وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلسَّلَامِ أَوْ لِرَدِّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ تَيَمُّمُهُ فَعُلِمَ أَنَّ جَوَازَ الصَّلَاةِ بِهِ حُكْمٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ تَيَمَّمَ لِلسَّلَامِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ اهـ.
وَعَلَى أُصُولِنَا لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْحَمْلِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا مَا يَفُوتُ لَا إلَى خَلْفٍ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى إلَّا عَلَى طَهَارَةٍ بَلْ عِنْدَنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ مَا لَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي فِعْلِهِ وَحِلِّهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمُحْدِثِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُبْتَغَى بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِدُخُولِ مَسْجِدٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَكَذَا لِلنَّوْمِ فِيهِ اهـ.
وَتَجْوِيزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَوَى مَعَهُ مَا يَصِحُّ مَعَهُ التَّيَمُّمُ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُمْ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِالْمُسَافِرِ أَمَّا إذْ يَتَيَمَّمُ لَهَا مَعَ وُجُودِهِ لِخَوْفِ الْفَوْتِ، فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَبْطُلُ بِفَرَاغِهِ مِنْهَا وَمِمَّا تَقَدَّمَ عُلِمَ أَنَّ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ لَا تَكْفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِسْلَامُ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَنْبَغِي عَدُّ الْإِسْلَامِ هُنَا كَمَا وَقَعَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ لَكِنْ لَا يُصَلِّي بِهِ كَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادُ الْعَدَمِ أَهْلِيَّتَهُ لِلنِّيَّةِ اهـ.
أَقُولُ: سَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ بِهِ فَعَدُّهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرْأَهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ زَادَهُ فِي الضَّابِطِ لِإِدْخَالِ الْقِرَاءَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ وُقُوعُ الْقِرَاءَةِ جُزْءَ عِبَادَةٍ مِنْ وَجْهٍ لَا يُنَافِي وُقُوعَهَا عِبَارَةً مَقْصُودَةً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي قَوْلِهِمْ عِبَادَةً مَقْصُودَةً مَعَ أَنَّ السُّجُودَ جُزْءٌ مِنْ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ.
(قَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا سَاقِطٌ جِدًّا وَأَنَّى يُتَخَيَّلُ مَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِهِ ذَكَرْت إلَخْ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلسَّلَامِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ لَا تُصَحِّحُهُ أَيْ الصَّلَاةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ اهـ أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ السُّؤَالِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ عِنْدَنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ أَعَمُّ مِنْ وَجْهٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لِاجْتِمَاعِ الْقَاعِدَتَيْنِ فِي رَدِّ السَّلَامِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِدُونِ طَهَارَةٍ وَيَفُوتُ لَا إلَى خَلَفٍ وَانْفِرَادُ الْأُولَى فِي مِثْلِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّهَا تَفُوتُ لَا إلَى خَلَفٍ وَلَا تَحِلُّ بِدُونِ طَهَارَةٍ وَانْفِرَادُ الثَّانِيَةِ فِي مِثْلِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمُحْدِثِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِدُونِ طَهَارَةٍ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يَفُوتَ لَا إلَى خَلَفٍ
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُبْتَغَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْمُبْتَغَى إنْ كَانَ مَعْنَاهُ لِلْجُنُبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ امْتَنَعَ هَذَا التَّعْلِيلُ اهـ.
أَقُولُ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُبْتَغَى مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ يُعَيِّنُ حَمْلَهُ عَلَى الْمُحْدِثِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ اعْتَرَضَ عَلَى النَّهْرِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست