responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 138
إلَيَّ لَكِنْ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَكَانَتْ لِلتَّحْرِيمِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا سُؤْرُ الدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ خِلَافًا فِي الْمُرَادِ مِنْ الْكَرَاهَةِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَامَى النَّجَاسَةَ وَكَذَا فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ وَسَوَاكِنِ الْبُيُوتِ
أَمَّا سُؤْرُ الْهِرَّةِ فَظَاهِرُ مَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِهَا وَظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْظُومَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مُخَالِفٌ لَهُمَا مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي قَتَادَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَسَكَبَتْ لَهُ وُضُوءً فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي فَقُلْت نَعَمْ قَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي الْبَابِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَالنَّجَسُ بِفَتْحَتَيْنِ كُلُّ مَا يُسْتَقْذَرُ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا لَفْظُ أَوْ الطَّوَّافَاتِ فَرُوِيَ بِأَوْ وَبِالْوَاوِ قَالَ صَاحِبُ مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلشَّكِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّقْسِيمِ وَيَكُونَ ذِكْرُ الصِّنْفَيْنِ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمِلٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لِلنَّوْعَيْنِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الطَّوَّافُونَ الْخَدَمُ وَالْمَمَالِيكُ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ يَخْدُمُونَ بِرِفْقٍ وَعِنَايَةٍ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّوَّافِينَ مِنْ الْخَدَمِ وَالصِّغَارِ الَّذِينَ سَقَطَ فِي حَقِّهِمْ الْحِجَابُ وَالِاسْتِئْذَانُ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ وَحِينَ الظَّهِيرَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَقَطَ فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ لِلضَّرُورَةِ وَكَثْرَةِ مُدَاخَلَتِهِمْ بِخِلَافِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ فَلِهَذَا يُعْفَى عَنْ الْهِرَّةِ لِلْحَاجَةِ اهـ.
وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ، الْمُفَادِ بِالْحَدِيثِ بِعِلَّةِ الطَّوْفِ الْمَنْصُوصَةِ يَعْنِي أَنَّهَا تَدْخُلُ الْمَضَايِقَ وَلَازِمُهُ شِدَّةُ الْمُخَالَطَةِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ صَوْنُ الْأَوَانِي مِنْهَا بَلْ صَوْنُ النَّفْسِ مُتَعَذِّرٌ
فَلِلضَّرُورَةِ اللَّازِمَةِ
مِنْ ذَلِكَ سَقَطَتْ النَّجَاسَةُ إنَّمَا الْكَلَامُ بَعْدَ هَذَا فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَنْهَضْ بِهِ وَجْهٌ
فَإِنْ قَالَ سَقَطَتْ النَّجَاسَةُ فَبَقِيَتْ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ مُنِعَتْ الْمُلَازَمَةُ إذْ سُقُوطُ وَصْفٍ أَوْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ آخَرَ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إثْبَاتَ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا فَإِثْبَاتُ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَفَى فِيهِ أَنَّهَا لَا تَتَحَامَى النَّجَاسَةَ فَيُكْرَهُ كَمَاءٍ غَمَسَ الصَّغِيرُ يَدَهُ فِيهِ وَأَصْلُهُ كَرَاهَةُ غَمْسِ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ لِلْمُسْتَيْقِظِ قَبْلَ غَسْلِهَا نُهِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الْمُسْتَيْقِظِ لِتَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ فَهَذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ مُنْتَهِضٌ يَتِمُّ بِهِ الْمَطْلُوبُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّمَسُّكِ بِالْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُرِدْ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّهُ مَا بُعِثَ لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْحُكْمَ وَالْحُكْمُ أَنْوَاعٌ نَجَاسَةُ السُّؤْرِ وَكَرَاهَتُهُ وَحُرْمَةُ اللَّحْمِ ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَوْلًا بِنَجَاسَةِ السُّؤْرِ مَعَ كَرَاهَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَوْ فِي حُرْمَةِ اللَّحْمِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ أَوْ فِي كَرَاهَةِ السُّؤْرِ، وَهُوَ الْمَرَامُ أَوْ فِي نَجَاسَتِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا إذْ النَّجَاسَةُ مُنْتَفِيَةٌ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ بِالْحَدِيثِ أَوْ بِالضَّرُورَةِ فَبَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ أَوْ فِي الْأَوَّلِ مَعَ الثَّانِي أَوْ فِي الْأَوَّلِ مَعَ الثَّالِثِ أَوْ فِي الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا مَرَّ
فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْكَلَامُ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ وَارِدًا بَعْدَ تَحْرِيمِ السِّبَاعِ قُلْنَا حُرْمَةُ لَحْمِ السِّبَاعِ قَبْلَ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ، فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً لَا تَكُونُ الْحُرْمَةُ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِ سَبُعًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ مَجَازًا عَنْهَا أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُلْحَقَ بِهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ نَجَاسَةُ السُّؤْرِ وَكَرَاهَتُهُ وَحُرْمَةُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْأَوَّلِ مَعَ الثَّانِي) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست