responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية السول شرح منهاج الوصول المؤلف : الإسنوي    الجزء : 1  صفحة : 55
فأما ما لا يعلمه العقل بالضرورة ولا بالنظر كصوم آخر يوم رمضان وتحريم أول يوم من شوال, فإن الشرائع مظهرة لحكمه لمعنى خفي علينا، فتلخص أن الحاكم حقيقة هو الشرع إجماعا وإنما الخلاف في أن العقل هل هو كافٍ في معرفته أم لا؟ وكلام الكتاب يوهم خلاف ذلك، وقد أحال المصنف إبطال مذهبهم على ما قرره في كتاب المصباح، فإن اللائق بذلك هو أصول الدين، وحاصل ما قاله فيه أن أفعال العباد منحصرة في الاضطرار والاتفاق, ومتى كان كذلك استحال وصفها بالحسن والقبح. بيان الانحصار أن المكلف إن لم يكن قادرا على الترك فهو الاضطراري، وإن كان قادرا على تركه فإن لم يكن صدوره عنه موقوفا على المرجح فهو الاتفاق، وإن كان موقوفا على المرجح فذلك المرجح، إن كان من الله تعالى لزم كون الفعل اضطراريا، وإن كان من العبد فإن لم يكن صدور ذلك المرجح آخر لزم أن يكون الفعل اتفاقيا وإن كان لمرجح، فإن كان من العبد لزم التسلسل، وإن كان من الله تعالى لزوم أن كونه اضطراريا فثبت أن أفعال العبد منحصرة في الاضطرار والاتفاق، وحينئذ فلا يوصف بحسن ولا قبح للإجماع منا ومنهم على أنه لا يوصف بذلك إلا الأفعال الاختيارية، وللفضلاء على هذه النكتة أسئلة كثيرة مذكورة في المبسوطات.

الفرع الأول:
قال: "فرعان على التنزل: "الأول" شكر المنعم ليس بواجب عقلا, إذ لا تعذيب قبل الشرع لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ولأنه لو وجب لوجب إما لفائدة المشكور وهو منزه, أو للشاكر في الدنيا وإنه مشقة بلا حظ أو في الآخرة ولا استقلال للعقل بها، قيل: يدفع ظن الضرر الآجل قلنا: قد يتضمنه؛ لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه وكالاستهزاء لحقارة الدنيا بالقياس إلى كبريائه, ولأنه ربما لا يقع لائقا قيل: ينتقض بالوجوب الشرعي قلنا: إيجاب الشرع لا يستدعي فائدة" أقول: لما أبطل الأصحاب قاعدة التحسين والتقبيح العقليين لزم من إبطالها إبطال وجوب شكر المنعم عقلا, وإبطال حكم الأفعال الاختيارية قبل البعثة. قال في المحصول: لكن جرت عادة الأصحاب بعد ذلك أن يتنزلوا ويسلموا لهم صحة القاعدة ويبطلوا مع ذلك كلامهم في هذين الفرعين بخصوصهما لقيام الدليل على إبطال حكم العقل فيهما، وحاصله يرجع إلى تخصيص قاعدة الحسن والقبح العقليين بإخراج بعض أفرادها لمانع، كما وقع ذلك في القواعد السمعية، وقوله: على التنزيل أي: على الافتراض, وسمي بذلك لأن فيه تكلف الانتقال من مذهبنا الحق الذي هو المرتبة العليا إلى مذهبهم الباطل الذي هو في غاية الانخفاض.
"واعلم" أن المصنف قد أقام الدليل على إبطال حكم العقل في الفرع الأول، وأما الفرع الثاني فإنه أبطل أدلته فقط كما ستراه، ولا يلزم من إبطال الدليل المعين إبطال المدلول. "الفرع الأول": أن شكر المنعم لا يجب عقلا خلافا للمعتزلة والإمام فخر الدين في بعض كتبه الكلامية، وليس المراد بالشكر هو قول القائل: الحمد لله والشكر لله ونحوه, بل المراد به اجتناب المستخبثات العقلية، والإتيان بالمستحسنات

اسم الکتاب : نهاية السول شرح منهاج الوصول المؤلف : الإسنوي    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست