اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 328
وواضح أن عبد الوهاب السبكي -كما صرح بنفسه- تابع في اشتراط العلم بالمقاصد، لأبيه "علي بن عبد الكافي: ت 756"، وقد صرح الأب في مقدمة شرح المنهاج بأن كمال رتبة الاجتهاد يتوقف على ثلاثة أشياء، وجعل ثالثها: "أن يكون له من الممارسة والتتبع لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم منها موارد الشرع من ذلك، وما يناسب أن يكون حكمًا لها في ذلك المحل، وإن لم يصرح به"[1].
وأما ما قرأه الشيخ دراز عند الشوكاني، نقلًا عن الغزالي، من كون الإمام الشافعي كان يلاحظ القواعد الكلية ويقدمها على الجزئيات، فقد أورده الغزالي في "المنخول، ص: 366-367". ومعلوم أن المنخول مأخوذ كله عن إمام الحرمين. وفعلا فقد أورد الجويني هذه المسألة في البرهان، حيث ذكر مصادر الاجتهاد عند الشافعي، وأنه يعتمد على الكتاب، ثم الأخبار المتواترة، ثم الآحاد، ثم ظواهر الكتاب إلا أن تكون مخصصة، ثم ظواهر الأخبار، المتواترة فالآحاد، ثم قال:
"فإن عدم المطلوب في هذه الدرجات، لم يخض في القياس بعد، ولكنه ينظر في كليات الشرع ومصالحها العامة. وعد الشافعي من هذا الفن: القصاص في المثقل، فإن نفيه[2] يخرم قاعدة الزجر. ثم إذا لم يجد في الواقعة مصلحة عامة، التفت إلى مواضع الإجماع. فإن عدم ذلك خاض في القياس"[3].
ولا يهمني الآن هذا الترتيب للأدلة، وتقديم بعضها على بعض، وما إن كان هذا الترتيب يمثل حقيقة الأمر في اجتهاد الإمام الشافعي، أم أنه -فقط- استنتاج لإمام الحرمين، وإنما الذي يهمني في هذا النص، هو أن الإمام الشافعي كان -في اجتهاده "ينظر في كليات الشرع ومصالحها العامة" أي أنه -بعبارة أخرى- ينظر [1] المرجع السابق، 1/ 8. ومعلوم أن هذا الشرح بدأه الأب وأتمه الابن. [2] يشير إلى مذهب أبي حنيفة القائل بأن القتل بالمثقل "كالحجر، والعصا، والتغريق" لا قصاص فيه، وفيه التعزير. وأن القصاص إنما هو في القتل بالمحدد "السكين والسيف وغيرهما من الأدوات الحادة". [3] البرهان، 2/ 1338.
اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 328