اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 281
4- سكوت الشارع:
ومعلوم أن الشارع قد يسكت عن أمور، وعن أحكام، لعدم توفر أسبابها ونوازلها، وهو ما فتح لأجله باب الاجتهاد والقياس، فهذا ليس هو المقصود هنا.
وإنما المقصود هنا: سكوت الشارع عن إعطاء حكم، أو وضع تشريع، مع أن "موجبه المقتضي قائم، فلم يقرر فيه حكم، عند نزول النازلة، زائد على ما كان في ذلك الزمان، فهذا الضرب، السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا
قوله: تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [1] فيه أمر بغض البصر، وهو أيضًا نهي عن النظر المحرم.
وكذلك يقال في قاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"2:
فالأمر بالجهاد أمر بلوازمه، والأمر بالعلم أمر بلوازمه، والأمر بالحج أمر بلوازمه وهكذا.
ولهذا قال المقري في القاعدة 133 من قواعده: "والتحقيق: كل ما لا يتوصل إلى المطلوب إلا به، فهو مطلوب".
والحقيقة أنه كان يكفينا ما قرره الشاطبي مرارًا من أن كل ما هو خادم مكمل للمقصود فهو مقصود، لولا ما أبداه هنا من تحفظ، مراعاة لأبي المعالي وأبي حامد. [1] سورة النور، 30.
2 ولا معنى لما يوضع على هذه القاعدة من قيود مثل أن ما لا يتم الواجب إلا به، إنما يجب إذا كان مقدورًا، لأن القدرة شرط في جميع التكاليف. ومثل تقسيمهم ما لا يتم الواجب إلا به، إلى ما يتوقف عليه الوجوب، وما يتوقف عليه الوجود. وأن الأول لا يجب، كدخول الوقت للصلاة، اكتمال النصاب والحول للزكاة, والمال للحج. فهذا خروج عن موضوع القاعدة. لأن موضوعها ما قد صار واجبًا. وبالنسبة لمن وجب عليه، لا ما يمكن أن يصير واجبا.
اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 281