اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 229
والسؤالات من هذا القبيل صدرت عن المصطفين الأخيار، المقتدى بهم وبنهجهم:
فقد سألت الملائكة ربها سبحانه: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [1].
وسأل الخليل إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، الله تعالى فقال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [2] قال القرطبي "إنما طلب المعاينة. وذلك أن النفوس مستشرفة إلى رؤية ما أخبرت به، ثم علل عليه السلام سؤاله بالطمأنينة.
أي سألتك ليطمئن قلبي بحصول الفرق بين المعلوم برهانًا، والمعلوم عيانًا[3].
ومن هذا القبيل أيضًا، سؤال كل من زكريا ومريم عليهما الصلاة والسلام، لما جاءت كلا منهما البشرى بالولد:
فزكريا: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [4].
ومريم: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [5].
فكل منهما اندهش وتحير أمام أمر الله وقدرته، فانطلق لسانه بالاستفهام لصاحب الأمر، سبحانه، إنه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم.
وكل هذه الأمثلة تتعلق بأفعال الله، أي ليست في مجال التشريع، ومع ذلك صدرت من هؤلاء المقتدى بهم.
وأما في مجال التشريع فأذكر هذا المثال، وهو الوارد في سبب نزول قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ [1] سورة البقرة، 30. [2] سورة البقرة، 260. [3] الجامع لأحكام القرآن، 3/ 297-300. [4] سورة آل عمران، 40. [5] سورة آل عمران، 47.
اسم الکتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي المؤلف : الريسوني، أحمد الجزء : 1 صفحة : 229