اسم الکتاب : معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة المؤلف : الجيزاني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 357
والصلاح لنا، وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بمشقة، كالجهاد، والحج، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وطلب العلم، فيحتمل تلك المشقة ويثاب عليها لما يعقبها من المنفعة.....» [1] .
7- إذا علم ذلك كان من باب أولى ألا يأمر الشارع بما مفسدته راجحة أو خالصة.
قال ابن تيمية: «وأما إذا كانت فائدة العمل منفعة لا تقاوم مشقته فهذا فساد، والله لا يحب الفساد» [2] .
وقال ابن القيم: «فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل» [3] . يوضح ذلك:
8- أن الأحكام الشرعية كلها مصالح للعباد، لكن منها ما يكون نعمة؛ كإيجاب الإيمان والمعروف، وتحريم الكفر والمنكر.
ومنها ما يكون عقوبة؛ كقوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] .
ومنها ما يكون محنة كقوله تعالى: {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] .
والمقصود أن الحكم الشرعي لا يخلو عن حكمة ومصلحة، لكن قد تعلم هذه الحكمة فيسهل الامتثال، وقد تكون الحكمة منه التعبد المحض، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه. وهذا هو الابتلاء، كما ابتلى الله نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبح ابنه [4] .
9- أن الأحكام الشرعية مبنية على النظر إلى المآل، فمن ذلك سد الذرائع، وتحريم الحيل، والمنع من الغلو في العبادات؛ إذ الجميع يفضي إلى ترك
(1) "مجموع الفتاوى" (25/282، 283) . [2] المصدر السابق (25/283) .
(3) "إعلام الموقعين" (3/3) . وانظر: "جامع العلوم والحكم" (2/223) . [4] انظر: "مجموع الفتاوى" (20/200، 201، 17/201، 203) وانظر (ص199، 253، 254) من هذا الكتاب.
اسم الکتاب : معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة المؤلف : الجيزاني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 357