اسم الکتاب : معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة المؤلف : الجيزاني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 310
ثالثًا: أن المباح بالنسبة للسابقين المقربين لا يستوي فعله وتركه، بل المباحات عندهم طاعات؛ لأنهم يستعينون بها على طاعة الله، ولديهم حُسْن القصد، أما غير المقربين - كما هو حال المقتصدين - فالمباح عندهم لا يمدح ولا يذم.
فصح أن يقال: إن المباح مأمور به؛ يعني: بالنسبة للمقربين، فهم مأمورون إما بفعله أو تركه [1] .
المسألة الخامسة: حكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع
الكلام على هذه المسألة يمكن ضبطه في أربع نقاط:
أ- الأصل في الأشياء بعد مجيء الرسل وورود الشرع الإباحة[2] .
والأدلة على ذلك كثيرة منها:
قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] .
وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "وما سكت عنه فهو مما عفا عنه" [3] .
قال ابن تيمية: "الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى وإلا دخلنا في معنى قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} [الشورى: 21] .
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا} [يونس: 59] [4] . [1] انظر: "مجموع الفتاوى" (10/533 - 535) ، و"مدارج السالكين" (1/122، 123) . [2] انظر: "روضة الناظر" (1/119) ، و"مجموع الفتاوى" (21/541) ، و"شرح الكوكب المنير" (1/328) . [3] رواه أبو داود (3/354) برقم (3800) ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. انظر: "المستدرك" (4/115) . وقد رواه مرفوعًا ابن ماجه في "سننه" (1/1117) برقم (3367) ، والترمذي (4/220) برقم (1726) ، وقال: حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه. وقال: وكأن الحديث الموقوف أصح.
(4) "مجموع الفتاوى" (29/17) . وانظر للاستزادة: "مجموع الفتاوى" (4/196) ، و"القواعد والأصول الجامعة" (31، 32) .
اسم الکتاب : معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة المؤلف : الجيزاني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 310