2 ـ جـ ـ والجواب عن السؤال الثاني: هو أن نسخ التلاوة فقط معناه نسخ التعبد بلفظه والصلاة به وكتبه مع القرآن في المصحف وهذه أحكام من أحكامه، فلا مانع من نسخها مع بقاء حكم آخر لم ينسخ، وهو ما دل عليه اللفظ، فآية الرجم مثلاً لا مانع من نسخ التعبد بها والصلاة بها، وكتبها في المصحف مع بقاء حكم آخر من
أحكامها لم ينسخ، وهو رجم الزانيين المحصنين كما تقدم مثله فان قيل: كيف الجمع بين هذا وبين قولهم هذا منسوخ تلاوة لا حكماً لأنه يفهم منه أن نسخ التلاوة مناف لنسخ الحكم.
فالجواب أن الحكم المنفى عنه النسخ في قولهم لا حكماً غير الحكم المثبت له النسخ بنسخ التلاوة لأنها أحكام قد نسخ بعضها دون بعض كما تقدم قريباً.
3 ـ جـ ـ الجواب عن السؤال الثالث: هو انه لا مانع من أن يكون أصل المقصود من المنسوخ تلاوة لا حكماً انما هو الحكم دون التلاوة، لكنه أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلفظ معين ليثبت به الحكم ويستقر الحال، والحال أنه هـ والمقصود فلا مانع من نسخ اللفظ، لأن المقصود هو مجرد الحكم فانه قيل: فان جاز نسخ التلاوة فلينسخ الحكم معها لأن الحكم تبع للتلاوة فكيف يبقى الفرع مع نسخ الأصل.
فالجواب: أن التلاوة حكم، وانعقاد الصلاة بها حكم آخر ودلالتها على ما دلت عليه حكم آخر، فلا يلزم من نسخ التعبد بها وعدم الصلاة بها نسخ حكمها الذي دلت عليه، فكم من دليل لا يتلى ولا تنعقد به صلاة، والآية المنسوخة تلاوتها مع بقاء حكمها دليل لنزولها وورودها، لا لكونها متلوة في القرآن والنسخ لا يرفع ورودها ونزولها، ولا يجعلها كأنها غير واردة بل يلحقها بالوارد الذي لا يتلى.