responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 99
وَكَيْفَ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ، وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَمَّا نَقْلُ الْعِصْمَةِ فَمَشْرُوعٌ كَمَا فِي الْخَمْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّرِقَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّ عَدَمَ الْمِلْكِ فَالْيَدُ ثَابِتَةٌ، وَهِيَ كَافِيَةٌ لِلْخُصُومَةِ، ثُمَّ اسْتَوْضَحَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعِصْمَةِ وَالْمِلْكِ فَقَالَ أَلَا تَرَى إلَى آخِرِهِ أَيْ النَّقْلُ إنَّمَا يُثْبِتُ ضَرُورَةً تَكَامُلَ الْجِنَايَةِ وَأَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَالِ فَيَنْتَقِلُ مَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الْمَالِ، وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَأَمَّا الْمِلْكُ فَصِفَةٌ لِلْمَالِكِ وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْجِنَايَةِ فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ أَيْ لَا يَنْتَقِلُ.
وَهَكَذَا ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ فَقَالَ الْجَزَاءُ: إنَّمَا يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ لَا عَلَى الْمَالِكِ وَالْمِلْكُ صِفَةُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ مِنْ أَوْصَافِ الْقَادِرِ لَا مِنْ أَوْصَافِ الْمَالِ فَجَازَ أَنْ لَا يَسْقُطَ الْمِلْكُ فَأَمَّا الْعِصْمَةُ، وَهِيَ الِاحْتِرَامُ فَوَصْفُ الْمَحَلِّ وَهَذِهِ جِنَايَةٌ عَلَى الْمَحَلِّ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ كَمَا فِي الْخَمْرِ (فَإِنْ قِيلَ) الْعِصْمَةُ صِفَةٌ لِلْعَاصِمِ لَا لِلْمَالِ كَالْمِلْكِ صِفَةٌ لِلْمَالِكِ وَلِهَذَا يُقَالُ مَالٌ مَعْصُومٌ وَلَا يُقَالُ مَالٌ عَاصِمٌ كَمَا يُقَالُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لَا مَالِكٌ، فَأَنَّى يَسْتَقِيمُ هَذَا الْفَرْقُ (قُلْنَا) تَقْرِيرُهُ يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ كَشْفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّي كَالضَّرْبِ مَثَلًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ التَّأْثِيرِ وَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ التَّأَثُّرِ؛ وَلِهَذَا يُوصَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ الْفِعْلِ فَيُقَالُ زَيْدٌ الضَّارِبُ وَعَمْرٌو الْمَضْرُوبُ، فَإِذَا وُصِفَ بِهِ الْفَاعِلُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُؤَثِّرَ قَامَ بِهِ، وَإِذَا وُصِفَ بِهِ الْمَفْعُولُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ التَّأَثُّرَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ قَامَ بِهِ وَالْمَصْدَرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لُغَةً مُنَاسِبٌ لَهُ لَا مَحَالَةَ فَمَصْدَرُ الضَّارِبِ ضَرْبٌ بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ، وَمَصْدَرُ الْمَضْرُوبِ ضَرْبٌ بِمَعْنَى التَّأَثُّرِ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ تَعَلُّقُهُ بِالْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى جَانِبِ الْمَفْعُولِ كَمَا فِي قَوْلِك فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ أَيْ سَجِيَّتُهُ الْإِعْطَاءُ وَالْمَنْعُ وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَفْعُولِ دُونَ الْفَاعِلِ كَمَا إذَا بُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ.
ثُمَّ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الْعِصْمَةِ التَّعَلُّقُ بِالْمَفْعُولِ، وَهُوَ الْمَالُ لَا بِالْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ هِيَ الْحِفْظُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ صَيْرُورَةُ الْمَالِ مَحْفُوظًا لَا اتِّصَافُ الْفَاعِلِ بِهِ؛ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمِلْكِ عَكْسُهُ، وَهُوَ تَعَلُّقُهُ بِالْفَاعِلِ وَاتِّصَافُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى جَانِبِ الْمَفْعُولِ؛ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ اتِّصَافُ الْعَبْدِ بِالْمَالِكِيَّةِ لَا اتِّصَافُ الْمَالِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ؛ فَلِهَذَا جَعَلَ الشَّيْخُ الْعِصْمَةَ صِفَةَ الْمَالِ وَالْمِلْكَ صِفَةَ الْمَالِكِ.
قَوْلُهُ (وَكَيْفَ يَنْتَقِلُ، وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مُتَصَوَّرَةَ الْوُقُوعِ عَلَى الْمِلْكِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِانْتِقَالِهِ فَكَيْفَ إذَا لَمْ يُتَصَوَّرْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْهَدْ فِي الشَّرْعِ انْتِقَالَ مِلْكِ الْعَبْدِ إلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَائِبَةَ فِي الْإِسْلَامِ كَيْفَ وَأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الثَّابِتِ إذْ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِلْكُهُ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مَمْلُوكُ الْعَبْدِ لَا مَمْلُوكُ اللَّهِ تَعَالَى إذْ الْعَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ، فَأَمَّا الْعِصْمَةُ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْعَبْدِ فَقَدْ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ انْتِقَالُهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مَعْصُومٌ لِلْعَبْدِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَلِهَذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْعِصْمَةِ دُونَ الْمِلْكِ، وَاعْلَمْ بِأَنَّ انْتِقَالَ الْعِصْمَةِ عِنْدَنَا إنَّمَا يَثْبُتُ حَالَ انْعِقَادِ السَّرِقَةِ مُوجِبَةً لِلْقَطْعِ لِمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى الْحِفْظِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلِيَصِيرَ الْفِعْلُ فِيهَا مَضْمُونًا بِالْعُقُوبَةِ الزَّاجِرَةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ هَذَا بِالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى تَمَامُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ حُكْمُ الْأَخْذِ مُرَاعًى إنْ اسْتَوْفَى الْقَطْعَ تَبَيَّنَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمَحَلِّ قَدْ كَانَتْ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِلْعَبْدِ؛ وَإِنْ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست