responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 86
وَالْجَوَابُ أَنَّ النِّكَاحَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ، وَهُوَ أَصْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ الْعَقْدُ هُنَا بِدَلَالَةِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا فِي فِعْلِ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ مِثْلُ الرَّجُلِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهَا وَأَمَّا فِعْلُ الْوَطْءِ فَلَا يُضَافُ إلَيْهَا مُبَاشَرَتُهُ أَبَدًا لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الدُّخُولُ بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَةِ رِفَاعَةَ وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ ثُمَّ جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَتَّهِمُهُ بِالْعُنَّةِ وَقَالَتْ مَا وَجَدْته إلَّا كَهُدْبَةِ ثَوْبِي هَذَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتُرِيدِينَ أَنْ تَعُودِي إلَى رِفَاعَةَ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا حَتَّى تَذُوقِي مِنْ عُسَيْلَتِهِ وَيَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِك»
ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافَهُ فَيَكُونُ إبْطَالًا.
وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ غَايَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِبْرَةٌ قَبْلَ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْضِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ لِتَوَقُّفِ صَيْرُورَتِهَا غَايَةً عَلَيْهِ تَوَقُّفَ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ وَبَعْضُ الشَّيْءِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ كُلِّهِ إذْ لَوْ انْفَصَلَ لَمْ يَبْقَ بَعْضًا حَقِيقَةً، فَتَلْغُوا بِالتَّاءِ أَيْ الْغَايَةُ قَبْلَ وُجُودِ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمُغَيَّا كَرَجُلٍ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فِي رَجَبٍ حَتَّى يَسْتَشِيرَ إيَّاهُ فَاسْتَشَارَهُ قَبْلَ دُخُولِ رَجَبٍ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي رَجَبٍ قَبْلَ الِاسْتِشَارَةِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ بَعْدَ دُخُولِ رَجَبٍ إلَى غَايَةِ الِاسْتِشَارَةِ فَالِاسْتِشَارَةُ وَعَدَمُهَا قَبْلَ دُخُولِ رَجَبٍ بِمَنْزِلَةٍ، وَلَا يُقَالُ النَّصُّ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَفْسُ التَّزَوُّجِ غَايَةً كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْإِصَابَةُ بَعْدَهُ شَرْطٌ لِلْحِلِّ بِالْإِجْمَاعِ وَقَوْلُ سَعِيدٍ مَرْدُودٌ حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِهِ لَا يَنْفُذُ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّمَسُّكُ بِهِ، لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ زِيدَ عَلَى النَّصِّ الْإِصَابَةُ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ حَتَّى صَارَ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنَ الْحُرْمَةِ مُوَقَّتَةً وَكَوْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي مَعَ الْإِصَابَةِ غَايَةً، فَكَأَنَّهُ قِيلَ هَذِهِ الْحُرْمَةُ مُغَيَّاةٌ إلَى التَّزَوُّجِ وَالْإِصَابَةِ فَيَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ، " فَمَنْ جَعْلَهُ " الضَّمِيرَ الْبَارِزَ رَاجِعٌ إلَى الزَّوْجِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَالتَّقْدِيرُ كَلِمَةُ حَتَّى وُضِعَتْ لِمَعْنًى خَاصٍّ، وَهُوَ الْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ فَيَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي غَايَةَ فَمَنْ جَعَلَ الزَّوْجَ، وَلَكِنَّهَا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إلَى كَلِمَةِ حَتَّى وَالْمُرَادُ الزَّوْجُ أَوْ نِكَاحُهُ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ؛ لِأَنَّ حَتَّى لَا يَكُونُ غَايَةً بَلْ الْغَايَةُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ حَتَّى، وَالتَّقْدِيرُ فَمَنْ جَعَلَهُ مُحْدِثًا حِلًّا جَدِيدًا لَا يَكُونُ عَمَلًا بَلْ يَكُونُ إبْطَالًا فَلَا يَكُونُ الزَّوْجُ مُحْدِثًا حِلًّا جَدِيدًا لَكِنَّهُ يَكُونُ غَايَةً وَنِهَايَةً.
وَالنِّهَايَةُ تَأْكِيدٌ لِلْغَايَةِ وَوَقَعَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا مَرَّ مِثْلُهُ قَوْلُهُ (وَالْجَوَابُ إلَى آخِرِهِ) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ سِوَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَطْءِ لِلتَّحْلِيلِ لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ أَوْ بِالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ مُتَمَسِّكِينَ بِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ فَيُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إلَّا أَنَّهُ أُسْنِدَ إلَى الْمَرْأَةِ هَهُنَا بِاعْتِبَارِ التَّمْكِينِ كَمَا أُسْنِدَ الزِّنَا الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ إلَيْهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَيَكُونُ الْإِسْنَادُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ نَهَارُك صَائِمٌ وَلَيْلُك قَائِمٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ زَوْجًا يَأْبَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا زَوْجَهَا فَصَارَ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ حَتَّى تُمَكِّنَ مِنْ وَطْئِهَا زَوْجًا فَكَانَ ذِكْرُ الزَّوْجِ اشْتِرَاطًا لِلْعَقْدِ وَذِكْرُ النِّكَاحِ اشْتِرَاطًا لِلْوَطْءِ، قَالُوا: وَفِيهِ تَقْلِيلُ الْمَجَازِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا فِي الْإِسْنَادِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ، وَتَمَسَّكَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النِّكَاحَ؛ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْعَقْدُ هَهُنَا بِدَلِيلِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُضَافُ إلَى الْمَرْأَةِ لَيْسَ إلَّا الْعَقْدَ يُقَالُ نَكَحَتْ أَيْ تَزَوَّجَتْ، وَهِيَ نَاكِحٌ فِي بَنِي فُلَانٍ أَيْ هِيَ ذَاتُ زَوْجٍ مِنْهُمْ كَذَا فِي الصِّحَاحِ؛ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إرَادَةُ الْوَطْءِ مِنْهُ إذَا أُضِيفَ إلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ الْوَطْءِ إلَيْهَا أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي كَلَامِهِمْ إضَافَةُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست