responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 83
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] فَإِنَّمَا الْوُضُوءُ غَسْلٌ وَمَسْحٌ وَهُمَا لَفْظَانِ خَاصَّانِ لِمَعْنًى مَعْلُومٍ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، فَلَا يَكُونُ شَرْطُ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ عَمَلًا بِهِ وَلَا بَيَانًا لَهُ، وَهُوَ بَيِّنٌ لِمَا وُضِعَ لَهُ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَبَطَلَ شَرْطُ الْوَلَاءِ وَالتَّرْتِيبِ وَالتَّسْمِيَةِ كَمَا ذَكَرْنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرُّقَيَّاتِ فَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ قَالَ لِإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ائْتِنِي بِحَجَرٍ أَجْعَلُهُ عَلَامَةَ افْتِتَاحِ الطَّوَافِ فَأَتَاهُ بِحَجَرٍ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ بِالثَّانِي ثُمَّ بِالثَّالِثِ فَنَادَاهُ قَدْ أَتَانِي بِالْحَجَرِ مَنْ أَغْنَانِي عَنْ حَجَرِك وَوَجَدَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّوَافِ مِنْهُ فَمَا أَدَّاهُ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ بِهِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهِ كَذَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَكِنْ لَا تَزُولُ الشُّبْهَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَيْضًا، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ فِي حَقِّ الْمُبَالَغَةِ وَابْتِدَاءِ الْفِعْلِ مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ صَدَرَ بِصِيغَةِ التَّطَوُّفِ وَتَاءُ التَّفَعُّلِ لِلتَّكَلُّفِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَمِنْ حَيْثُ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ فَالْتُحِقَ خَبَرُ الْعَدَدِ وَالِابْتِدَاءِ بَيَانًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِبَيَانِ إجْمَالِهِ فَأَمَّا خَبَرُ الطَّهَارَةِ فَلَا يَصْلُحُ لِلْبَيَانِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَحْتَمِلُ الطَّهَارَةَ بَلْ هُوَ شَرْطٌ زَائِدٌ فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَنَظِيرُهُ مَسْحُ الرَّأْسِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي حَقِّ الْمِقْدَارِ مُجْمَلًا الْتَحَقَ فِعْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيَانًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ إجْمَالَهُ دُونَ خَبَرِ التَّثْلِيثِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُ.
وَأَمَّا وُجُوبُ إعَادَةِ طَوَافِ الْجُنُبِ وَالْعُرْيَانِ وَالطَّوَافِ الْمَنْكُوسِ فَلَيْسَ لِعَدَمِ الْجَوَازِ بَلْ لِتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ فِيهِ كَوُجُوبِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ وَلِهَذَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ إذَا رَجَعَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ انْجِبَارِ نُقْصَانِ الصَّلَاةِ بِالسَّجْدَةِ قَوْلُهُ (وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الْخَاصِّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْفَاءُ فِي فَإِنَّمَا إشَارَةٌ إلَى تَعْلِيلِ كَوْنِ مَفْهُومِ الْآيَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَهُمَا لَفْظَانِ خَاصَّانِ لِمَعْنًى مَعْلُومٍ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَعْنًى كَمَا فِي قَوْلِ الْمُتَنَبِّي:
حَشَايَ عَلَى جَمْرٍ ذَكِيٍّ مِنْ الْهَوَى ... وَعَيْنَايَ فِي رَوْضٍ مِنْ الْحُسْنِ تَرْتَعُ
أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَالْمَعْنَى الْمَعْلُومُ الْإِسَالَةُ لِلْغُسْلِ وَالْإِصَابَةُ لِلْمَسْحِ، فَلَا يَكُونُ شَرْطَ النِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهَا فِي الْبَدَلِ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ فِي الشُّرُوطِ، عَمَلًا بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ سَاكِتٌ، وَلَا بَيَانًا؛ لِأَنَّهُ بَيِّنٌ، وَالْوَاوُ فِي " وَهُوَ " لِلْحَالِ، وَالنِّيَّةُ عِنْدَهُ أَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ إزَالَةَ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ نَوَى غَيْرَ مُقَارِنٍ لِغَسْلِ الْوَجْهِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ عِنْدَهُ، بَلْ إضْرَابٌ عَنْ مَفْهُومِ الْكَلَامِ.
عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَيْ إلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً عَلَى حَسَبِ اقْتِضَاءِ الدَّلِيلِ لَا فَرْضًا كَمَا قَالَهُ الْخَصْمُ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّهُ خَاصٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِإِشَارَةِ النَّصِّ إذْ التَّيَمُّمُ الْقَصْدُ، وَبَطَلَ شَرْطُ الْوَلَاءِ، وَهُوَ أَنْ يُتَابَعَ فِي الْأَفْعَالِ، وَلَا يُفَرَّقَ وَاَلَّذِي يَقْطَعُ التَّتَابُعَ جَفَافُ الْعُضْوِ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ؛ وَإِنَّمَا شَرَطَهُ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاظَبَ عَلَى الْمُوَالَاةِ قَالُوا فَلَوْ جَازَ تَرْكُهُ لَفَعَلَهُ مَرَّةً تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنْ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْوُضُوءِ؛ وَإِنْ أَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ غَيْرِ ذَلِكَ وَجَفَّ أَعَادَ مَا جَفَّ وَجَعَلَهُ قِيَاسَ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ إذَا اشْتَغَلَ فِي خِلَالِهَا بِعَمَلٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يُرَاعِيَ النَّسَقَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست