responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 56
عَلَى اعْتِقَادِ حَقِّيَّةَ الْمُرَادِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 7] وَاجِبٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ فُهِمَ أَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ فَيَتَغَيَّرُ الْكَلَامُ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الرَّاسِخَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالْوَاوُ فِيهِ لِلْعَطْفِ لَا لِلِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ، قَالُوا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاسِخِ حَظٌّ فِي الْعِلْمِ بِالْمُتَشَابِهِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَضْلٌ عَلَى الْجُهَّالِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ أَيْضًا، قَالُوا وَلَمْ يَزَلْ الْمُفَسِّرُونَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا يُفَسِّرُونَ وَيُؤَوِّلُونَ كُلَّ آيَةٍ وَلَمْ نَرَهُمْ وَقَفُوا عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالُوا هَذَا مُتَشَابِهٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ بَلْ فَسَرُّوا الْكُلَّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَعْلَمُ كُلَّ الْقُرْآنِ إلَّا أَرْبَعَةً: الْغِسْلِينُ وَالْحَنَّانُ وَالرَّقِيمُ وَالْأَوَّاهُ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ وَأَنَا مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ الصَّحَابَةِ تَفْسِيرُ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، وَقَالَ الْقُتَبِيُّ لَمْ يُنَزِّلْ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا لِيَنْتَفِعَ بِهِ عِبَادُهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنًى أَرَادَهُ فَلَوْ كَانَ الْمُتَشَابِهُ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ لَلَزِمَ لِلطَّاعِنِ فِيهِ مَقَالٌ وَلَزِمَ مِنْهُ الْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَعْرِفْ الْمُتَشَابِهَ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَعْرِفَهُ مَعَ قَوْلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ جَازَ أَنْ يَعْرِفَ الرَّبَّانِيُّونَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.
وَأَمَّا الْعَامَّةُ فَقَالُوا الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ أَكَّدَ أَوَّلًا بِالنَّفْيِ ثُمَّ خَصَّصَ اسْمَ اللَّهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي عَلْمِهِ سِوَاهُ فَلَا يَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ كَمَا عَلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَوْلُهُ وَالرَّاسِخُونَ يَكُونُ ثَنَاءً مُبْتَدَأً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِالْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْكُلَّ مِنْ عِنْدِهِ لَا عَطْفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ تَأْوِيلَهُ إلَّا عِنْدَ اللَّهِ وَقِرَاءَةُ أُبَيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْهُ وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ.
وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ مَنْ اتَّبَعَ الْمُتَشَابِهَ ابْتِغَاءَ التَّأْوِيلِ كَمَا ذَمَّ عَلَى اتِّبَاعِهِ لَهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ بِأَنْ يُجْرِيَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَمَدَحَ الرَّاسِخِينَ بِقَوْلِهِمْ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] وَبِقَوْلِهِمْ {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] أَيْ لَا تَجْعَلْنَا كَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَاتَّبَعُوا الْمُتَشَابِهَ مُؤَوِّلِينَ أَوْ غَيْرَ مُؤَوِّلِينَ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ لَازِمٌ، وَرُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ إذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» أَمْرٌ بِالْحَذَرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مُتَابِعٍ وَمُتَابِعٍ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ، وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُفَسِّرْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا آيَاتٍ عَلَّمَهُنَّ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» فَمَنْ قَالَ أَنَا أُفَسِّرُ الْجَمِيعَ فَقَدْ تَكَلَّفَ فِيهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّفْهُ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ قِيلَ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الرَّاسِخَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ ظَاهِرًا لَا حَقِيقَةً، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ حَقِيقَةً؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْقَدِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقِيلَ كُلُّ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست