responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 50
فَانْسَدَّ بِهِ التَّأْوِيلُ أَوْ كَانَ عَامًّا فَلَحِقَهُ مَا انْسَدَّ بِهِ بَابُ التَّخْصِيصِ مَأْخُوذًا مِمَّا ذَكَرْنَا وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30] فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ جَمْعٌ عَامٌّ مُحْتَمَلٌ لِلتَّخْصِيصِ فَانْسَدَّ بَابُ التَّخْصِيصِ بِذِكْرِ الْكُلِّ وَذِكْرُ الْكُلِّ احْتَمَلَ تَأْوِيلَ التَّفَرُّقِ فَقَطَعَهُ بِقَوْلِهِ أَجْمَعُونَ فَصَارَ مُفَسَّرًا وَحُكْمُهُ الْإِيجَابُ قَطْعًا بِلَا احْتِمَالِ تَخْصِيصٍ وَلَا تَأْوِيلٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالتَّبْدِيلَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ النَّصَّ لَا يَكُونُ مُجْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ اللَّفْظَ أَوْ الْكَلَامَ هَهُنَا.
وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مُجْمَلًا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِمَعْنًى فِي النَّصِّ بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ، فَلَحِقَهُ بَيَانٌ قَاطِعٌ احْتِرَازٌ عَمَّا لَيْسَ بِقَاطِعٍ ثُبُوتًا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى لَا يَصِيرُ الْمُجْمَلُ مُفَسَّرًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ وَلَا بِبَيَانٍ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الثُّبُوتِ بَلْ هُوَ بُعْدٌ فِي حَيِّزِ التَّأْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الْإِجْمَالِ، وَلِهَذَا قَالَ فَانْسَدَّ بِهِ بَابُ التَّأْوِيلِ نَتِيجَةً لِقَوْلِهِ بَيَانٌ قَاطِعٌ أَيْ بَيَانٌ قَاطِعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْكَلَامُ التَّأْوِيلَ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّصُّ أَيْ اللَّفْظُ عَامًّا، وَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يُعَادَ حَرْفُ الْجَرِّ وَيُقَالُ بِأَنْ كَانَ عَامًّا إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ نَظَرًا إلَى حُصُولِ فَهْمِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَيَانَ كَمَا يَلْتَحِقُ بِالْكَلَامِ لِلتَّفْسِيرِ يَلْتَحِقُ بِهِ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّقْرِيرِ وَبَيَانُ التَّفْسِيرِ سَبَبُهُ مَعْنًى فِي نَفْسِ الْكَلَامِ وَهُوَ الْإِجْمَالُ أَمَّا بَيَانُ التَّقْرِيرِ فَسَبَبُهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَا مَعْنًى فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي إفَادَةِ مَعْنَاهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانٍ وَلَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَالْتِحَاقُ الْبَيَانِ بِهِ يَقْطَعُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ، وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِمَعْنًى فِي النَّصِّ أَنَّ الْبَيَانَ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20] {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] ، فُسِّرَ الْهَلُوعُ الَّذِي كَانَ مُجْمَلًا بِبَيَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ.
سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى مَا الْهَلَعُ فَقَالَ قَدْ فَسَّرَهُ اللَّهُ وَلَا يَكُونُ تَفْسِيرٌ أَبَيْنَ مِنْ تَفْسِيرِهِ وَهُوَ الَّذِي إذَا نَالَهُ شَرٌّ أَظْهَرَ شِدَّةَ الْجَزَعِ، وَإِذَا نَالَهُ خَيْرٌ بَخِلَ بِهِ وَمَنَعَهُ النَّاسَ وَكَمَا فِي النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيَانُهُ مُتَّصِلًا بِهِ بَلْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ثَبَتَ تَفْسِيرُهُمَا بِأَقْوَالِ النَّبِيِّ وَأَفْعَالِهِ لَا بِبَيَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ فَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَعَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ وَالْهَلُوعُ عَلَى التَّفْسِيرَيْنِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ (جَمْعٌ) أَيْ صِيغَةٌ، عَامٌّ أَيْ مَعْنًى، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ قَدْ يُسْلَبُ عَنْهَا مَعْنَى الْعُمُومِ بِدُخُولِ اللَّازِمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَدْ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ مَجَازًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ} [آل عمران: 42] قِيلَ الْمُرَادُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَيَصْلُحُ هَذَا الْمِثَالُ نَظِيرًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ ظَاهِرٌ فِي سُجُودِ الْمَلَائِكَةِ وَبِقَوْلِهِ كُلُّهُمْ ازْدَادَ وُضُوحًا عَلَى الْأَوَّلِ فَصَارَ نَصًّا وَبِقَوْلِهِ أَجْمَعُونَ انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ مُفَسَّرًا، وَهُوَ إخْبَارٌ لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ فَيَكُونُ مُحْكَمًا، وَحُكْمُهُ الْإِيجَابُ قَطْعًا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ بِلَا احْتِمَالِ تَخْصِيصٍ وَلَا تَأْوِيلٍ) إشَارَةٌ إلَى رُجْحَانِهِ عَلَى النَّصِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ وَحُكْمُهُ اعْتِقَادًا مَا فِي النَّصِّ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ النَّصِّ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثَالُهُ مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً شَهْرًا يَكُونُ ذَلِكَ مُتْعَةً لَا نِكَاحًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْت نَصٌّ لِلنِّكَاحِ وَلَكِنَّ احْتِمَالَ الْمُتْعَةِ فِيهِ قَائِمٌ.
وَقَوْلُهُ شَهْرًا مُفَسَّرٌ فِي الْمُتْعَةِ لَيْسَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّكَاحِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ بِحَالٍ فَإِذَا اجْتَمَعَا رَجَّحْنَا الْمُفَسَّرَ وَحَمَلْنَا النَّصَّ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست