responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 31
وَانْقِطَاعِ الْمُشَارَكَةِ وَكُلُّ اسْمٍ وُضِعَ لِمُسَمًّى مَعْلُومٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ اخْتَصَّ فُلَانٌ بِكَذَا أَيْ انْفَرَدَ بِهِ وَفُلَانٌ خَاصُّ فُلَانٍ أَيْ مُنْفَرِدٌ بِهِ وَالْخَاصَّةُ اسْمٌ لِلْحَاجَةِ الْمُوجِبَةِ لِلِانْفِرَادِ عَنْ الْمَالِ وَعَنْ أَسْبَابِ نَيْلِ الْمَالِ فَصَارَ الْخُصُوصُ عِبَارَةً عَمَّا يُوجِبُ الِانْفِرَادَ وَيَقْطَعُ الشَّرِكَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْخَارِجِ أَفْرَادٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَقَوْلُهُ وَانْقِطَاعِ الْمُشَارَكَةِ، تَأْكِيدٌ لِلِانْفِرَادِ وَبَيَانٌ لِلَازِمِهِ وَبَيْنَهُمَا نَوْعُ تَغَايُرٍ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهِ وَانْقِطَاعُ الْمُشَارَكَةِ بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ.
وَلَوْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ حَقِيقَتُهُ، وَهُوَ الْوَضْعُ الْأَوَّلُ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ أَوْ الْمَجَازَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِرَادَةِ لَا بِأَصْلِ الْوَضْعِ وَالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ إنَّمَا يَثْبُتُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنَّظَرِ إلَى أَصِلْ الْوَضْعِ فَلَا يَكُونُ الْحَقِيقَةُ أَوْ الْمَجَازُ دَاخِلًا فِيهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَلْ إنَّمَا يَصِيرُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ إرَادَةُ مَوْضُوعِهِ أَوْ غَيْرُ مَوْضُوعِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ إنَّمَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا إذَا اُعْتُبِرَ مُجَرَّدًا عَنْ الْإِرَادَةِ، فَإِنَّهُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ إرَادَةٌ لَمْ يَبْقَ مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الْجَمِيعِ لَا يَصِحُّ وَبِإِرَادَةِ الْبَعْضِ لَمْ يَبْقَ الِاشْتِرَاكُ وَلَكِنَّ الِاشْتِرَاكَ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَضْعِ وَصَلَاحِيَّةُ اللَّفْظِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى السَّوَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُؤَوَّلُ، فَإِنَّهُ مَعَ انْضِمَامِ الْإِرَادَةِ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ لَمْ يَثْبُتْ يَقِينًا فَلَمْ تُخْرِجْهُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُفَسَّرِ، فَإِنْ قِيلَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْوَضْعِ الْأَوَّلَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَضْعِ الْأَوَّلِ.
وَإِنْ كَانَ مُطْلَقُ الْوَضْعِ فَقَدْ حَصَلَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِمَعْنًى؛ لِأَنَّهُ صِيغَةُ فَرْدٍ كَرَجُلٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا لَا يَدُلُّ رَجُلٌ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُسَمًّى وَاحِدٍ، قُلْنَا الْمَعْنَى فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ يُقَالُ عَنَى يَعْنِي عِنَايَةً وَمَعْنًى وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ هَهُنَا فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْ جِهَتَيْنِ فَصَاعِدًا؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ جِنْسٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 14] وَزَوَالُ مَعْنَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِإِرَادَةِ الْمَفْعُولِ لَا يَمْنَعُ مَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّ رَتْقًا فِي قَوْله تَعَالَى {كَانَتَا رَتْقًا} [الأنبياء: 30] لَمْ يُثَنِّ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى مَرْتُوقَتَيْنِ لِبَقَاءِ صِيغَةِ الْمَصْدَرِ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ تَأْكِيدُهُ بِالْوَاحِدِ.
قَوْلُهُ (وَكُلُّ اسْمٍ) إنَّمَا ذَكَرَ الِاسْم هَهُنَا دُونَ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُشَخَّصِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْمُسَمَّى الْمَعْلُومِ لَا يَكُونُ إلَّا اسْمًا بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمَعْنَى تَحْصُلُ بِالْأَفْعَالِ وَالْحُرُوفِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ هُنَا احْتِرَازٌ عَنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُشَخَّصَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ اسْمٌ وُضِعَ لِمُسَمًّى مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ لَا عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ وُضِعَ لِمَعْنًى إنْ كَانَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُشَخَّصَاتُ وَغَيْرُهَا فَيَكُونُ الْحَدُّ تَامًّا مُتَنَاوِلًا خُصُوصَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْعَيْنِ وَيَكُونُ إفْرَادُ خُصُوصِ الْعَيْنِ بِالذِّكْرِ لِقُوَّةِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إذْ لَا شَرِكَةَ فِي مَفْهُومِهِ أَصْلًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْخُصُوصِ، وَهَذَا كَتَخْصِيصِ أُولِي الْعِلْمِ بِالذِّكْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِي قَوْلِهِ الَّذِينَ آمَنُوا لِقُوَّةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَالشَّرَفِ وَكَتَخْصِيصِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ بِالذِّكْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ لِقُوَّةِ مَنْزِلَتِهِمَا وَشَرَفِهِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا هُوَ كَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ يَكُونُ هَذَا تَعْرِيفًا لِقِسْمَيْ الْخَاصِّ الِاعْتِبَارِيِّ وَالْحَقِيقِيِّ لَا تَعْرِيفَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست