responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ التَّخْصِيصِ لَا يَصِيرُ مَجَازًا فِيمَا وَرَاءَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ احْتِمَالُ إرَادَةِ التَّخْصِيصِ بِمَنْزِلَةِ إرَادَةِ مُسَمًّى آخَرَ لِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي رَفْعِ الْيَقِينِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَالْمُشْتَرَكِ إذَا تَرَجَّحَ بَعْضُ وُجُوهِهِ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ كَانَ احْتِمَالُ إرَادَةِ الْمُسَمَّى الْآخَرِ مُعْتَبَرًا فِي رَفْعِ الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ، فَأَمَّا احْتِمَالُ إرَادَةِ الْمَجَازِ فِي الْخَاصِّ فَيُخْرِجُهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَأَصْلِهِ فَكَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَأَمَّا احْتِمَالُ النَّسْخِ فَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولِهِ أَنَّ الْخَاصَّ بِنَفْسِهِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا مَا لَمْ يُتَفَحَّصْ وَلَمْ يُتَأَمَّلْ فَإِذَا تُفُحِّصَ عَنْهُ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى النَّسْخِ فَقَدْ زَالَ الِاحْتِمَالُ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي زَمَانِنَا ابْتِدَاءُ النَّسْخِ حَتَّى أَنَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْخَاصُّ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ لِتَوَهُّمِ الِانْتِسَاخِ فَأَمَّا إرَادَةُ الْخُصُوصِ فَمَوْهُومٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَكُلُّ عَامٍ مُحْتَمِلٌ لِلْخُصُوصِ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَيُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ أَخْبَارُ الْآحَادِ الْخَاصَّةُ فِي مُعَارَضَةِ عُمُومِ الْكِتَابِ وَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِهَا وَبِالْقِيَاسِ فَكَانَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ.
وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ مُوجِبَهُ قَطْعِيٌّ بِأَنَّ اللَّفْظَ مَتَى وُضِعَ لِمَعْنًى كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَاجِبًا أَيْ لَازِمًا وَثَابِتًا بِذَلِكَ اللَّفْظِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ، ثُمَّ صِيغَةُ الْعُمُومِ مَوْضُوعَةٌ لَهُ وَحَقِيقَةٌ فِيهِ فَكَانَ مَعْنَى الْعُمُومِ وَاجِبًا وَثَابِتًا بِهَا قَطْعًا حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا فِي الْخَاصِّ فَإِنَّ مُسَمَّاهُ ثَابِتٌ بِهِ قَطْعًا لِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا لَهُ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى صَرْفِهِ إلَى الْمَجَازِ فَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَصْمُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ أَصْلًا لِأَنَّهُ إرَادَةٌ فِي بَاطِنِ الْمُكَلَّفِ وَهِيَ غَيْبٌ عَنَّا وَلَيْسَ فِي وُسْعِنَا الْوُقُوفُ عَلَيْهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ دَلِيلٌ فَقَبْلَ ظُهُورِهِ يَكُونُ مُوجِبُهُ ثَابِتًا قَطْعًا بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ فَإِنَّ إرَادَةَ الْمَجَازِ لَمَّا كَانَتْ غَيْبًا لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ كَانَ مُوجِبُهُ ثَابِتًا قَطْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الدَّلِيلِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ وُرُودَ صِيغَةِ الْعُمُومِ عَلَى إرَادَةِ الْخُصُوصِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ يُوهِمُ التَّلْبِيسَ عَلَى السَّامِعِ وَيُؤَدِّي إلَى تَكْلِيفِ الْمُحَالِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وُرُودُ الْعَامِّ عَلَى إرَادَةِ الْخُصُوصِ وَلَا وُرُودُ الْخَاصِّ عَلَى إرَادَةِ الْمَجَازِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ يُفْهِمُ السَّامِعَ مُرَادَ الْخِطَابِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخَصْمُ مَالَ إلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ مُغَيِّرَةٌ حُكْمَ الْحَقِيقَةِ لَا مَحَالَةَ وَاحْتِمَالُ الْإِرَادَةِ ثَابِتٌ حَالَ التَّكَلُّمِ فَيَثْبُتُ احْتِمَالُ التَّغَيُّرِ بِهِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا لَمْ يُكَلِّفْنَا مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْإِرَادَةِ فِي حَقِّ الْعَمَلِ فَلَزِمَنَا الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ الظَّاهِرِ دُونَ مَا لَا نَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْإِرَادَةِ الْبَاطِنَةِ وَبَقِيَ احْتِمَالُ الْإِرَادَةِ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعِلْمِ فَلَا نَعْلَمُ قَطْعًا وَأَنَّهُ كَلَامٌ حَسَنٌ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نَقُولَ كَذَلِكَ فِي حَقِيقَةِ الْخَاصِّ مَعَ مَجَازِهِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا لَمْ يُكَلِّفْنَا مَا لَيْسَ فِي وُسْعِنَا وَلَيْسَ فِي وُسْعِنَا الْوُقُوفُ عَلَى الْبَاطِنِ إلَّا بِدَلَالَةٍ ظَاهِرَةٍ لَمْ يَجْعَلْ الْبَاطِنَ حُجَّةً أَصْلًا فِي حَقِّنَا وَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ جَمِيعًا وَجَعَلَ الْحُجَّةَ مَا يَظْهَرُ بِهِ الْبَاطِنُ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ إقَامَةً لِلسَّبَبِ الظَّاهِرِ مَقَامَ مَا هُوَ حُجَّةٌ بَاطِنَةٌ تَيْسِيرًا عَلَى الْعِبَادِ كَإِقَامَةِ الْبُلُوغِ مَقَامَ اعْتِدَالِ الْعَقْلِ وَكَإِقَامَةِ دَلِيلِ الْمَحَبَّةِ وَالْبُغْضِ وَهُوَ الْإِخْبَارُ مَقَامَ حَقِيقَتِهِمَا حَتَّى سَقَطَ اعْتِبَارُ الِاعْتِدَالِ فَلَمْ يُخَاطَبْ الصَّبِيُّ وَإِنْ اعْتَدَلَ عَقْلُهُ وَخُوطِبَ الْبَالِغُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ عَقْلُهُ وَكَذَا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست