responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] » فَعَقَلَ الضَّرِيرُ وَغَيْرُهُ عُمُومَ لَفْظِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] .
قَالَ بَعْضُ الْكُفَّارِ أَنَا أَخْصِمُ لَكُمْ مُحَمَّدًا فَجَاءَ وَقَالَ أَلَيْسَ عُبِدَ الْمَلَائِكَةُ وَعُبِدَ الْمَسِيحُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ حَصَبِ جَهَنَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] الْآيَةَ تَنْبِيهًا عَلَى التَّخْصِيصِ وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَعَلُّقَهُ بِالْعُمُومِ وَمَا قَالُوا لَهُ لَمَّا اسْتَدَلَّ اسْتَدْلَلْتَ بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مُجْمَلٍ وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قَالَتْ الصَّحَابَةُ فَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ظُلْمَ النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ وَاحْتَجَّ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» فَدَفَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إلَّا بِحَقِّهَا» وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ التَّعَلُّقَ بِالْعُمُومِ هَذَا وَأَمْثَالُهُ لَا تَنْحَصِرُ حِكَايَتُهُ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالْعُمُومِ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَبْلَ ظُهُورِ الْوَاقِفِيَّةِ مُتَوَارَثٌ ذَلِكَ عَنْهُمْ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُجْرُونَ أَلْفَاظَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْعُمُومِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ دَلِيلَ الْخُصُوصِ لَا دَلِيلَ الْعُمُومِ فَكَانَ الْقَوْلُ بِالتَّوَقُّفِ أَوْ بِأَخَصِّ الْخُصُوصِ مُخَالِفًا لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ فَوَجَبَ رَدُّهُ قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالطَّرِيقُ الْمُخْتَارُ فِي إثْبَاتِ الْعُمُومِ عِنْدَنَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْعُمُومِ لَا يَخْتَصُّ بِلُغَةِ الْعَرَبِ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ فَيَبْعُدُ أَنْ يَغْفُلَ عَنْهَا جَمِيعُ أَصْنَافِ الْخَلْقِ فَلَا يَضَعُوهَا مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَيَدُلُّ عَلَى وَضْعِهَا تَوَجُّهُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَنْ عَصَى الْأَمْرَ الْعَامَّ وَسُقُوطُ الِاعْتِرَاضِ عَمَّنْ أَطَاعَ وَلُزُومُ النَّقْضِ وَالْخُلْفِ عَلَى الْخَبَرِ الْعَامِّ.
وَجَوَازُ بِنَاءِ الِاسْتِحْلَالِ عَلَى الْمُحَلِّلَاتِ الْعَامَّةِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ تَدُلُّ عَلَى الْغَرَضِ وَبَيَانُهَا أَنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ مَنْ دَخَلَ الْيَوْمَ دَارِي فَأَعْطِهِ رَغِيفًا أَوْ دِرْهَمًا فَأَعْطَى كُلَّ دَاخِلٍ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُعَاتِبَهُ فِي إعْطَائِهِ وَاحِدًا مِنْ الدَّاخِلِينَ وَيَقُولَ لِمَ أَعْطَيْتَ هَذَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَهُوَ قَصِيرٌ وَأَنَا أَرَدْتُ الطِّوَالَ أَوْ هُوَ أَسْوَدُ وَأَنَا أَرَدْتُ الْبِيضَ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ مَا أَمَرْتَنِي بِإِعْطَاءِ الطِّوَالِ وَالْبِيضِ بَلْ بِإِعْطَاءِ مَنْ دَخَلَ وَهَذَا دَخَلَ فَالْعُقَلَاءُ إذَا سَمِعُوا فِي اللُّغَاتِ كُلِّهَا رَأَوْا اعْتِرَاضَ السَّيِّدِ سَاقِطًا وَعُذْرَ الْعَبْدِ مُتَوَجِّهًا وَقَالُوا لِلسَّيِّدِ أَنْتَ أَمَرْتَهُ بِإِعْطَاءِ مَنْ دَخَلَ وَهَذَا قَدْ دَخَلَ وَلَوْ أَنَّهُ أَعْطَى الْجَمِيعَ إلَّا وَاحِدًا فَعَاتَبَهُ السَّيِّدُ وَقَالَ لِمَ لَمْ تُعْطِهِ فَقَالَ الْعَبْدُ لِأَنَّ هَذَا طَوِيلٌ أَوْ أَبْيَضُ وَكَانَ لَفْظُك عَامًّا فَقُلْت لَعَلَّكَ أَرَدْتَ الْقِصَارَ أَوْ السُّودَ اسْتَوْجَبَ التَّأْدِيبَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَقِيلَ لَهُ مَالَكَ وَالنَّظَرَ إلَى الطُّولِ وَاللَّوْنِ وَقَدْ أَمَرْتُكَ بِإِعْطَاءِ الدَّاخِلِ فَهَذَا مَعْنَى سُقُوطِ الِاعْتِرَاضِ عَنْ الْمُطِيعِ وَتَوَجُّهِهِ عَلَى الْعَاصِي وَأَمَّا النَّقْضُ عَلَى الْخَبَرِ فَهُوَ مَا إذَا قَالَ مَا رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَحَدًا وَكَانَ قَدْ رَأَى جَمَاعَةً كَانَ كَلَامُهُ خُلْفًا مَنْقُوضًا وَكَذِبًا فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَحَدًا غَيْرَ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ كَانَ مُسْتَنْكَرًا وَهَذِهِ إحْدَى صِيَغِ الْعُمُومِ فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي النَّفْيِ تَعُمُّ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْعُمُومِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا} [الأنعام: 91] إنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا نَقْضًا عَلَى كَلَامِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا فَلِمَ وَرَدَ النَّقْضُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست