responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 301
وَوَجْهُ قَوْلِنَا وَالشَّافِعِيِّ إنَّهُ مُوجِبٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ مَعْنًى مَقْصُودٌ بَيْنَ النَّاسِ شَرْعًا وَعُرْفًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ وُضِعَ لَهُ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ لَا يَقْصُرُ عَنْ الْمَعَانِي أَبَدًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ كَانَ السَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّهُمْ فَيَقُولَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ وَالِاحْتِجَاجُ بِالْعُمُومِ مِنْ السَّلَفِ مُتَوَارَثٌ وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحَمْلِ أَنَّهُ يَنْسَخُ سَائِرَ وُجُوهِ الْعِدَدِ بِقَوْلِهِ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَقَالَ إنَّهُ آخِرُهُمَا نُزُولًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهِيَ الطَّلَبُ وَالْمَنْعُ قَائِمٌ فَيُتَوَقَّفُ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ لِمَا نَذْكُرُ مِنْ دَلِيلِ أَرْبَابِ الْعُمُومِ.

قَوْلُهُ (وَوَجْهُ قَوْلِنَا وَالشَّافِعِيِّ إنَّهُ مُوجِبٌ) إلَى آخِرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي دَلَائِلِ أَرْبَابِ الْعُمُومِ كَثْرَةً وَلَكِنَّ الشَّيْخَ أَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا إلَى الدَّلِيلِ الْمَعْقُولِ وَإِلَى إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَقَوْلُهُ (الْعُمُومَ مَعْنًى مَقْصُودٌ إلَى قَوْلِهِ عَبِيدِي أَحْرَارٌ) إشَارَةٌ إلَى الْمَعْقُولِ قَوْلُهُ (وَالِاحْتِجَاجُ إلَى آخِرِهِ) إشَارَةٌ إلَى الْإِجْمَاعِ أَمَّا بَيَانُ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ وُضِعَتْ دَلَالَاتٌ عَلَى الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ الْأَمْرِ ثُمَّ مَعْنَى الْعُمُومِ مَقْصُودٌ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ كَمَعْنَى الْخُصُوصِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ مُخْتَصٌّ بِهِ كَسَائِرِ الْمَقَاصِدِ، إذْ الْأَلْفَاظُ لَا تَقْصُرُ عَنْ الْمَعَانِي أَعْنِي الْمَعَانِيَ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا تَفْهِيمُ الْغَيْرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ لَهُ فِي ذَلِكَ مُرَادٌ لَا يَحْصُلُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ وَهُوَ تَخْصِيصُ الْفَرْدِ بِشَيْءٍ فَكَانَ لِتَحْصِيلِ مُرَادِهِ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ وَهُوَ الْخَاصُّ فَكَذَا الْمُتَكَلِّمُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ لَهُ مُرَادٌ فِي الْعُمُومِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ وَلَا يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ التَّنْصِيصُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِمَّا هُوَ مُرَادٌ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِمُرَادِهِ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لُغَةً أَيْضًا قَوْلُهُ (أَلَا تَرَى) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ عُرْفًا يَعْنِي الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ بَيْنَ النَّاسِ عُرْفًا أَنَّ (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ جَمِيعَ عَبِيدِهِ جُمْلَةً يَقُولُ عَبِيدِي أَحْرَارٌ) وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ إلَّا بِالتَّعْمِيمِ فَمَنْ جَعَلَ مُوجِبَهُ التَّوَقُّفَ فَإِنَّهُ يَسُدُّ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ بَابَ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ فِي الْعُمُومِ بِاسْتِعْمَالِ صِيغَتِهِ إلَيْهِ أَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاعْتَرَضُوا عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ فَقَالُوا هَذَا قِيَاسٌ أَوْ اسْتِدْلَالٌ وَاللُّغَةُ ثَبَتَتْ تَوْقِيفًا وَنَقْلًا لَا قِيَاسًا وَإِنْ سَلِمَ أَنْ ذَلِكَ وَاجِبٌ فِي الْحِكْمَةِ لَا نُسَلِّمُ عِصْمَةَ وَاضِعِي اللُّغَةِ حَتَّى لَا يُخَالِفُوا الْحِكْمَةَ فِي وَضْعِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ عَقَلَتْ الْمَاضِيَ وَالْمُسْتَقْبَلَ وَالْحَالَ ثُمَّ لَمْ تَضَعْ لِلْحَالِ لَفْظًا خَاصًّا حَتَّى لَزِمَ اسْتِعْمَالُ الْمُسْتَقْبَلِ فِيهَا وَكَمَا عَقَلَتْ الْأَلْوَانَ عَقَلَتْ الرَّوَائِحَ ثُمَّ لَمْ تَضَعْ لِلرَّوَائِحِ أَسَامِيَ حَتَّى لَزِمَ تَعْرِيفُهَا بِالْإِضَافَةِ فَيُقَالُ رِيحُ الْمِسْكِ وَرِيحُ الْعُودِ وَلَا يُقَالُ لَوْنُ الدَّمِ وَلَوْنُ الزَّعْفَرَانِ بَلْ يُقَالُ أَحْمَرُ أَوْ أَصْفَرُ.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُمْ وَضَعُوا لِلْعُمُومِ لَفْظًا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ وَضَعُوا فِيهِ لَفْظًا خَاصًّا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَطْ فَإِنَّ الْعَيْنَ مَوْضُوعٌ لِلْبَاصِرَةِ وَلَكِنْ بِصِفَةِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ أَشْيَاءَ لِأَنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُ فِي غَيْرِ الْبَاصِرَةِ فَكَذَلِكَ صِيَغُ الْعُمُومِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَأَمَّا بَيَانُ الثَّانِي وَهُوَ الْعُمْدَةُ فِي الْبَابِ فَهُوَ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْعُمُومِ أَيْ بِالْعَامِّ عَنْ السَّلَفِ وَهُمْ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ مُتَوَارَثٌ أَيْ ثَابِتٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ أَيْ وَأَزْوَاجُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ أَيْ يُسْتَوْفَى أَزْوَاجُهُمْ {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أَيْ يَعْتَدِدْنِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَقِيلَ عَشْرًا ذَهَابًا إلَى اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ دَاخِلَةٌ مَعَهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] أَيْ ذَوَاتُ الْحَمْلِ مِنْ النِّسَاءِ {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] أَيْ عِدَّتُهُنَّ وَضْعُ حَمْلِهِنَّ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَالتَّارِيخُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ احْتِيَاطًا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهَا تَعْتَدُّ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست