responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 292
وَمِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» نُسِخَ بِقَوْلِهِ «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ» وَلِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالْفَصِّ مِنْهُ لِآخَرَ بِكَلَامٍ مَفْصُولٍ أَنَّ الْحَلْقَةَ لِلْأَوَّلِ وَالْفَصَّ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ الْأَوَّلُ بِالْعُمُومِ وَالثَّانِي بِالْخُصُوصِ وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْمُثْلَةَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا ذَلِكَ الْحَدِيثُ قَدْ نُسِخَتْ بِالِاتِّفَاقِ وَهِيَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ فَدَلَّ انْتِسَاخُهُ عَلَى تَقَدُّمِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَثْبُتْ تَقَدُّمُ الْحَدِيثِ الثَّانِي بِدَلِيلٍ بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» يَجِبُ الْعُشْرُ فِي قَلِيلِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَكَثِيرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ» وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَسْقِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» قَالَا الْمُرَادُ مِنْ الصَّدَقَةِ الْعُشْرُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَلَا يَجِبُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْجَوَابُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْعَامَّ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ مِثْلُ الْخَاصِّ ثُمَّ إذَا وَرَدَا فِي حَادِثَةٍ وَيُعْرَفُ تَارِيخُهُمَا كَانَ الثَّانِي نَاسِخًا إنْ كَانَ هُوَ الْعَامُّ وَمُخَصَّصًا إنْ كَانَ هُوَ الْخَاصُّ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا كَانَ نَسْخًا لِلْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا كَانَ تَخْصِيصًا لَهُ.
وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَارِيخَهُمَا يُجْعَلُ الْعَامُّ آخِرًا لِلِاحْتِيَاطِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ نُسِخَ بِقَوْلِهِ «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ» وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا عَمِلَ بِالْحَدِيثِ الْعَامِّ دُونَ الْخَاصِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَّفَقَ عَلَى قَبُولِهِ أَوْلَى مِنْ الْخَاصِّ الْمُخْتَلَفِ فِي قَبُولِهِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَسَاوَيَا يُرَجَّحُ الْعَامُّ بِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ عَلَى الْخَاصِّ فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا عَمِلَا بِهِ فِيمَا وَرَاءَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ وَحَكَمَا بِتَفَاوُتِ الْوَاجِبِ عِنْدَ قِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَثْرَتِهَا فَأَوْجَبَا الْعُشْرَ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَنِصْفَ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِدَالِيَةٍ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَجَعَلَا الْحَدِيثَ الْخَاصَّ مُخَصِّصًا لَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَعْمَلْ بِالْحَدِيثِ الْخَاصِّ أَصْلًا فَكَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
قَوْلُهُ (وَلِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ) عَطْفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدَّلِيلِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ، الْعَامُّ بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ فِيمَا تَنَاوَلَهُ عِنْدَنَا لِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَذَا وَلِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ إذَا أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِإِنْسَانٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ فِي كَلَامِ مَوْصُولٍ كَانَتْ الْحَلَقَةُ لِلْأَوَّلِ وَالْفَصُّ لِلثَّانِيَّ بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا إذَا فَصَلَ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَكُونُ الْفَصُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ بِإِيجَابِهِ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي تَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ إيجَابُ الْحَلَقَةِ لِلْأَوَّلِ بِدُونِ الْفَصِّ وَهَذَا الْبَيَانُ مِنْهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا يُلْزِمُهُ شَيْئًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَكُونُ الْبَيَانُ الْمَوْصُولُ فِيهِ وَالْمَفْصُولُ سَوَاءً كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالرَّقَبَةِ لِإِنْسَانٍ وَبِالْخِدْمَةِ أَوْ الْغَلَّةِ لِآخَرَ كَذَا الدَّارُ مَعَ السُّكْنَى وَالْبُسْتَانُ مَعَ الثَّمَرَةِ.
وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ اسْمُ الْخَاتَمِ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْحَلَقَةَ وَالْفَصَّ جَمِيعًا فَكَانَ إيجَابُ الْفَصِّ لِلثَّانِي تَخْصِيصًا لِذَلِكَ الْعُمُومِ وَتَخْصِيصُ الْعَامِّ إنَّمَا يَصِحُّ مَوْصُولًا فَإِذَا كَانَ مَفْصُولًا لَا يَكُونُ تَخْصِيصًا بَلْ يَكُونُ مُعَارِضًا فَكَانَ كَلَامُهُ الثَّانِي فِي الْفَصِّ إيجَابًا لِلثَّانِي وَبَقِيَ عُمُومُ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا كَانَ، وَالْعَامُّ مِثْلُ الْخَاصِّ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ فَثَبَتَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست