responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 282
وَكَذَلِكَ صَوْمُ اللَّيَالِي لِأَنَّ الْوِصَالَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَا مُمْكِنٍ وَالنَّهَارُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِشَهْوَةِ الْبَطْنِ غَالِبًا فَتَعَيَّنَ لِلصَّوْمِ تَحْقِيقًا لِلِابْتِلَاءِ فَصَارَ النَّهْيُ مُسْتَعَارًا عَنْ النَّفْيِ.

وَلَا يَلْزَمُ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ لِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» فَكَانَ نَسْخًا وَإِبْطَالًا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ لِمِلْكِ ضَرُورِيّ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْحِلِّ حَتَّى لَمْ يُشْرَعْ مَعَ الْحُرْمَةِ وَمِنْ قَضِيَّةِ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ فَبَطَل الْعَقْدُ لِمُضَادَّةٍ ثَبَتَتْ بِمُقْتَضَى النَّهْيِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِمِلْكِ الْعَيْنِ وَالتَّحْرِيمُ لَا يُضَادُّهُ لِأَنَّ الْحِلَّ فِيهِ تَابِعٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ شُرِعَ فِي مَوْضِعِ الْحُرْمَةِ وَفِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْحِلَّ أَصْلًا كَالْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْعَبْدِ وَالْبَهَائِمِ وَكَمِلْكِ الْخَمْرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّاعِرِ:
إنَّ الْمَضَامِينَ الَّتِي فِي الصُّلْبِ ... مَاءُ الْفُحُولِ فِي الظُّهُورِ الْحُدْبِ
جَمْعُ مَضْمُونٍ مِنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى تَضَمَّنَهُ يُقَالُ ضَمِنَ كِتَابُهُ كَذَا وَكَانَ مَضْمُونُ كِتَابِهِ كَذَا.
وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ جَمْعُ مَلْقُوحٍ أَوْ مَلْقُوحَةٍ مِنْ لَقَحَتْ الدَّابَّةُ إذَا حَبِلَتْ وَهُوَ فِعْلٌ لَازِمٌ فَلَا يَجِيءُ اسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ إلَّا مَوْصُولًا بِحَرْفِ الْجَرِّ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُ مَحْذُوفَ الْجَارِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْت الْوَلَدَ الَّذِي سَيَحْصُلُ مِنْ هَذَا الْفَحْلِ أَوْ مِنْ هَذِهِ النَّاقَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ صَوْمُ اللَّيَالِي) أَيْ وَكَبَيْعِ الْحُرِّ وَالْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ صَوْمُ اللَّيَالِي فِي أَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ مَعَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ الْوِصَالَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَإِنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَ زَمَانَ اللَّيْلِ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَقْتًا لِلصَّوْمِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَقْتًا لَهُ أَصْلًا فَكَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِمَعْنَى النَّفْيِ ثُمَّ صَوْمُ الْفَرْضِ يَتَأَدَّى بِصِيَامِ أَيَّامِ الْوِصَالِ إذَا نَوَاهُ لِأَنَّ الْقُبْحَ فِي الْمُجَاوِرِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ فِي اللَّيْلِ لَا لِمَعْنًى مُتَّصِلٍ بِوَقْتِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّ الْقُبْحَ لِمَعْنًى اتَّصَلَ بِوَقْتِ الصَّوْمِ.
قَوْلُهُ (وَلَا مُمْكِنٍ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَحْيَى بِدُونِ الْأَكْلِ عَلَى مَا عَلَيْهِ جِبِلَّتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعَيِّنَ بَعْضَ الزَّمَانِ لِلصَّوْمِ وَبَعْضَهُ لِلْفِطْرِ فَتَعَيَّنَتْ النُّهُرُ لِلصَّوْمِ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ يَتَحَقَّقُ فِيهَا لِأَنَّ فِي النَّفْسِ دَاعِيَةٌ إلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَذَلِكَ فِي النَّهَارِ فِي الْعَادَةِ فَيَتَحَقَّقُ خِلَافُ هَوَى النَّفْسِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ الشَّهَوَاتِ فِيهِ، فَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فِي اللَّيْلِ فَعَلَى وِفَاقِ هَوَاهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ عَلَى الْكَمَالِ إذْ أَصْلُ بِنَاءِ الْعِبَادَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ لَا عَلَى مُوَافَقَتِهَا وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الْجِمَاعَ يُوجَدُ فِي اللَّيَالِي عَادَةً وَهُوَ إحْدَى الْمُفْطِرَاتِ فَكَانَ الْإِمْسَاكُ عَنْهُ فِي اللَّيْلِ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اللَّيْلُ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ شَهْوَةُ الْفَرْجِ تَابِعَةٌ لِشَهْوَةِ الْبَطْنِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّوْمُ وِجَاءً عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ فَلَا يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا.

[النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ]
قَوْلُهُ (وَلَا يَلْزَمُ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا مَعَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِدَلِيلِ تَحَقُّقِ حُكْمِ النَّهْيِ فِيهِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» عَلَى حَقِيقَتِهِ يَلْزَمُ الْخُلْفُ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى النَّهْيِ كَمَا حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] عَلَيْهِ لِهَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ نَقُولُ هُوَ مَنْفِيٌّ فَكَانَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ عَدَمِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهَارَةٍ» وَكَقَوْلِك لَا دَخْلَ فِي الدَّارِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ بَقَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ بَلْ يُوجِبُ انْتِفَاءَ ضَرُورَةِ صِدْقِ الْخَبَرِ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْخُلْفُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ أَصْلًا وَ.
قَوْلُهُ (وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا أَصْلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الْحَدُّ وَلَا يَثْبُتَ النَّسَبُ وَلَا يَجِبَ الْعِدَّةُ وَالْمَهْرُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ السَّبَبِ فَقَالَ إنَّمَا يُثْبِتُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَهِيَ وُجُودُ صُورَتِهِ فِي مَحَلِّهِ لَا لِانْعِقَادِ أَصْلِ الْعَقْدِ إذْ الشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ قَوْلُهُ (وَلِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ لِمِلْكٍ ضَرُورِيٍّ) يَعْنِي وَلَئِنْ كَانَ صِيغَتُهُ نَهْيًا لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ وَلَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى النَّفْيِ وَالنَّسْخِ أَيْضًا لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يُوجِبُ بَقَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيمَا أَمْكَنَ إثْبَاتُ مُوجِبِهِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ مَعَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست